هي قاضية وعضو في عدة لجان وطنية ووزارية أبرزها اللجنة التي أعدت قانون حماية الطفل، خبيرة دولية، وحاليا المفوضة الوطنية لحماية وترقية الطفولة، يتعلق الأمر بمريم شرفي، المرأة الجزائرية التي تناضل من أجل حماية فئة هشة وضعيفة من المجتمع والتي تعد المسؤولة الأولى عن الهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة، هذه المهمة النبيلة والمسؤولية الصعبة في آن واحد التي تحملها شرفي على عاتقها، خاصة في ظل بعض التجاوزات والظواهر الاجتماعية الخطيرة المنتشرة في مجتمعنا والتي تمس بالطفل وتؤثر عليه نفسيا وجسديا.
وبمناسبة اليوم العالمي للطفولة، المصادف للفاتح جوان من كل عام، كان لجريدة عالم الأهداف لقاء خاص مع مريم شرفي المفوضة الوطنية لحماية وترقية الطفولة، حيث تم التطرق لعدة محاور تخص مهام الهيئة التي تترأسها والقطاعات التي تنسق معها، كما تم الحديث بإسهاب عن خلية تلقي الإخطارات التابعة للهيئة.
- بداية نود أن نتعرف على الهيئة التي تشرفون عليها من حيث طبيعة عملها ومهامها
أنشأت الهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة بموجب قانون حماية الطفل الذي صدر بتاريخ 15 جويلية 2015، هذا الأخير الذي اعتمد يوما وطنيا للطفل الجزائري.
الهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة موضوعة لدى السيد الوزير الأول، تترأسها المفوضة الوطنية لحماية الطفولة، تعمل على جبهتين ترقية حقوق الطفل من جهة وحمايتها من جهة أخرى، ووضع برامج وطنية محلية لحماية وترقية حقوق الطفل بالتنسيق مع مختلف الإدارات والمؤسسات والهيئات العمومية والأشخاص المكلفين برعاية الطفولة، ومع مختصين في مجال حماية الطفل، حيث تم إنشاء وتنصيب لجنة التنسيق الدائمة للهيئة الوطنية والتي تتشكل من 16 قطاع وزاري، بالإضافة لممثل عن الأمن الوطني، الدرك الوطني والحماية المدنية وممثلي المجتمع المدني، ومتابعة الأعمال ميدانيا بما فيها زيارة المصالح المكلفة بحماية الطفولة وتقديم اقتراحات كفيلة بتحسين الأداء، ومن مهام الهيئة أيضا القيام بحملات التوعية والإعلام والاتصال، كما تهتم بتشجيع البحث والتعليم في مجال حقوق الطفل بغية معرفة أسباب إهمال الأطفال وإساءة معاملتهم واستغلالهم، ومنه يتسنى لنا وضع برامج وطنية لحمايتهم، وتعمل الهيئة أيضا على ترقية مشاركة هيئات المجتمع المدني في متابعة حقوق الطفل في الجزائر. ومن مهام الهيئة أيضا إعداد تقارير تتعلق بحقوق الطفل ومدى تنفيذ اتفاقية حقوق الطفل ترفع لرئيس الجمهورية.
“خلية تلقي الإخطارات تتلقى من 5000 إلى 10000 مكالمة في اليوم على الخط الأخضر 1111″
- حدثينا عن وضعية الطفولة في بلادنا بعد صدور قانون حقوق الطفل سنة 2015
حماية الطفولة في الجزائر عرفت تطورا “هاما” من خلال اعتماد آليات وتقنيات حديثة، سيما في مجال التكفل بالطفل ضحية بعض الجرائم على غرار العنف الأسري، الاعتداءات الجنسية أو الطفل في خطر، وتتضمن بعض الأحكام التي جاءت في القانون المتعلق بحماية الطفل الصادر في 15 جويلية 2015، تعزيز التدابير والإجراءات المتخذة في مجال حماية الطفولة، وحماية الحياة الخاصة للطفل وعدم التشهير به لما لذلك من تداعيات سلبية على مستقبله، كما تقوم المصالح الأمنية بدور كبير في السهر على حماية الأطفال والفئات الهشة من كل المخاطر، وأستغل الفرصة للتنويه بجهود الأمن الوطني والدرك الوطني في حماية هذه الشريحة، وأؤكد أن حماية الطفولة مسؤولية الجميع.
- نوعية البلاغات التي تتلقونها على مستوى خلية الإخطارات مع إفادتنا بالأرقام المسجلة من حيث عدد المكالمات التي تصلكم يوميا؟
تم وضع عدة آليات لحماية الطفولة، وعمدنا إلى تسهيل عملية التواصل مع المواطنين من خلال وضع عدة طرق لتلقي الإخطارات منها البريد الإلكتروني، والرقم الأخضر 1111 الذي يعتبر أسهل طريقة للتبليغ عن أي مساس أو انتهاك لحقوق الطفل، حيث جندنا لهذه المهمة خلية تعمل بصفة دائمة ودون انقطاع طوال الأسبوع، تتكون من أخصائيين نفسانيين، حقوقيين وأطباء، يعملون على تلقي الإخطار ودراسته، ثم تقوم المفوضة الوطنية بتحويله للتحقيق والتحري من قبل: مصالح الوسط المفتوح التابعة لوزارة التضامن الوطني والأسرة والتي تتولى مهمة اتخاذ التدابير اللازمة مع الطفل وعائلته لإبعاده عن الخطر مع إبقاء الطفل في المحيط الأسري، كما يمكن للمفوضة تحويل الإخطار لقاضي الأحداث في حالة ما إذا كان الخطر المحدق بالطفل يستدعي إبعاده عن الوسط الأسري، والوحيد الذي يملك الحق في اتخاذ هذا القرار هو قاضي الأحداث وذلك في حالة ما اقتضت المصلحة الفضلى للطفل ذلك، وعندما نسجل جريمة في حق الطفل نحيل القضية لوزير العدل لإمكانية تحريك الدعوى العمومية.
“نعمل على ترقية مشاركة هيئات المجتمع المدني في متابعة حقوق الطفل في الجزائر”
وبلغة الأرقام تتلقى خلية الإخطارات من 5000 إلى 10000 مكالمة في اليوم على الخط الأخضر 1111، تتعلق بانشغالات المواطنين فيما يخص حقوق الطفل، أما الإخطارات المتعلقة بالمساس بحقوق الطفل، سجلنا من 01 جانفي 2021 إلى يومنا هذا 700 تبليغ عن مختلف أنواع الخطر الذي يمس صحة أو أخلاق أو تربية أو أمن الطفل، أو تكون ظروفه المعيشية تعرضه للخطر وتضر بمستقبله، أو أن يعيش في بيئة تعرض سلامته البدنية أو النفسية أو التربوية للخطر، ومن بين الحالات التي تعرض الطفل للخطر أيضا هي فقدانه لوالديه وبقائه دون سند عائلي، المساس بحقه في التعليم، التسول بالطفل او إجباره على التسول، تعريض الطفل للإهمال والتشرد، عجز الوالدين عن التحكم في تصرفات الطفل مما قد يؤثر على سلامته البدنية والنفسية والتربوية.
- هل تتعاونون مع المجتمع المدني المتمثل في الجمعيات الناشطة في مجال الطفولة، كيف تقيمون مستوى التعاون وماذا تقترحون لتفعيل العملية؟
أشدد هنا على أهمية تنسيق الجهود في مجال حماية الطفولة وأكرر بأنها مسؤولية الجميع بما فيها المجتمع المدني، حيث أن هذه الاتصالات مجملها تصب في البحث عن توجيهات ونصائح وإبداء آراء، وهذه المهمة تستطيع أن تتكفل بها الجمعيات عن طريق تنظيم حملات تحسيسية توعوية تدعوا للحد من السلوكات السلبية اتجاه الطفل، وتعريف الأسرة بحقوقها وواجباتها اتجاه الأبناء، وفي هذا الإطار قمنا بتشكيل شبكة المجتمع المدني لتعزيز حقوق الطفل، حيث قمنا بإدماج 150 جمعية ناشطة في مجال حماية الطفولة، من مختلف ولايات الوطن، ودعوتها إلى ضرورة التجند للدفاع عن حقوق الطفل من خلال التحلي باليقظة والوعي وروح المسؤولية للحد من الظواهر المشينة التي يتعرض لها الأطفال على غرار الاختطاف، العنف والاغتصاب، وبهذه المناسبة أشيد بمساعي الدولة الجزائرية والتدابير التي اتخذتها الحكومة للحد من هذه الظواهر من خلال سن قوانين ردعية ضد المعتدين وكل من ثبت تورطه في الاعتداء على البراءة بدون وجه حق.
“أنشئت الهيئة بموجب قانون حماية الطفل… ونتلقى من 5000 إلى 10000 مكالمة في اليوم على الخط الأخضر 1111”
–هناك تعاون ولقاءات بين الهيئة ومكتب الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف”، فيما يتمثل برنامج التعاون؟
برامج تعاون الهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة مع مكتب صندوق الامم المتحدة للطفولة اليونيسف بالجزائر، يتمثل في تجسيد عدة أنشطة وبرامج تكوينية تهدف لتعزيز حقوق الطفل ونشر ثقافتها في أوساط مختلف شرائح المجتمع.
وقد وقعنا على برنامج التعاون خلال السنة الماضية مع ممثل صندوق الأمم المتحدة للطفولة بالجزائر، اسلمو بخاري، وذلك عشية إحياء اليوم العالمي لحقوق الطفل، المصادف ل20 نوفمبر من كل سنة، تاريخ اعتماد الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل.
يتضمن برنامج التعاون عدة محاور تتعلق بتدعيم القدرات من خلال تنظيم دورات تكوينية موجهة خاصة للفاعلين في مجال الطفولة، إلى جانب إعداد دراسات ميدانية تتعلق بمجال الطفولة، كما تعمل الاتفاقية على إطلاق حملات توعوية حول حقوق الطفل تشرف عليها الهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة، بالتنسيق مع مكتب اليونيسيف بالجزائر.
وتشمل هذه الحملات التحسيسية ومضات تبرز أهم المبادئ الخاصة بحقوق الطفل، من بينها الحق في المشاركة وفي الرعاية الصحية، الحق في الحماية وفي المعلومة المفيدة، وتتضمن عدة أنشطة بمشاركة جمعيات محلية معنية بمجال الطفولة.
“لجنة التنسيق الدائمة للهيئة الوطنية تتشكل من 16 قطاعا وزاريا”
ونهدف من خلال التوقيع على مثل هذه البرامج لـ “الاستثمار في العنصر البشري” عن طريق تنظيم دورات تكوينية لكل المتدخلين في مجال الطفولة وبرمجة ملتقيات وأيام تحسيسية بإشراك كل الفاعلين في هذا المجال وبمساهمة شبكة المجتمع المدني التي سبق وأن تحدثنا عنها، ويركز برنامج التعاون على العمل الميداني للتعريف بحقوق الطفل وبالآليات المتخذة في مجال الإخطار بهدف حماية الطفولة ومرافقتها، على غرار الرقم الأخضر 11 .11.
في الأخير وبمناسبة العيد العالمي للطفولة أهنئ أطفال الجزائر خاصة والعالم عامة بهذه المناسبة، كما استغل هذه الفرصة وأوجه من خلال منبركم هذا تمنياتي بالتوفيق والنجاح لكل الأطفال المتمدرسين الذين اجتازوا امتحانات شهادة التعليم الابتدائي، دون أن أنسى أطفال فلسطين الذين أوجه لهم تحية خاصة على شجاعتهم وقوة إرادتهم وصبرهم أمام الظلم الذي يتعرضون له.
أجرت الحوار/ كريمة بندو
صور / بختة بن يمينة
مناقشة حول هذا المقال