تمكنت من كتابة اسمها بأحرف من ذهب في تاريخ الرياضة، كأول إمرأة عربية وإفريقية تحصل على لقب بطلة العالم في 1500 متر، إبنة مدينة الجسور المعلقة هي أول من أهدت الجزائر ميدالية ذهبية أولمبية، منحها المعهد العربي للأعمال البريطانية جائزة المرأة العربية الأجدر في تاريخ الرياضة، هي العداءة الجزائرية والبطلة الأولمبية التي أسعدت ملايين الجزائريين في تسعينيات القرن الماضي، حسيبة بولمرقة.
استقبلتنا بحفاوة بمقر اللجنة الأولمبية الجزائرية، في لقاء شيق، تطرقنا من خلاله إلى انجازاتها وآراءها حول العديد من الملفات الرياضية في الجزائر بما فيها الرياضة المدرسية، ظاهرة الاهتمام بكرة القدم على حساب التخصصات الرياضية الأخرى، اقتراحاتها للدفع برياضة النخبة في الجزائر، برنامج التحضيرات للوفد الجزائري المشارك في أولمبياد طوكيو، وتجربتها في مجال المجتمع المدني، ومواضيع أخرى ناقشناها مع هذه الرياضية المثقفة التي تملك خبرة كبيرة في عالم الرياضة.
- بداية من هي حسيبة بولمرقة ( نبذة عن حياتك )، وكيف اختارت تخصص ألعاب القوى، وهل هناك عوامل ساهمت في سقل موهبتها الرياضية؟
حسيبة بولمرقة من مواليد 10 جويلية 1968 بمدينة قسنطينة، تم اكتشافي في سن مبكرة في المدرسة من طرف السيدة سامية مقيدش التي كانت أستاذتي في مادة الرياضة، بعدها تم توجيهي سنة 1986 إلى المدرب السيد العابد عبود في فريق أمل جامعة قسنطينة، حيث أشرف على تدريبي، وفي هذه السنة استدعيت للفريق الوطني كأصغر عداءة، حيث أحرزت معه البطولة الإفريقية التي نظمت في مدينة عنابة سنة 1988، وفي سنة 1989 التحقت بمدربي الجديد عمار بوراس وهنا بدأت مسيرتي الاحترافية في عالم ألعاب القوى، أين تمكنت من تحقيق العديد من البطولات الوطنية والمغاربية و البطولة العربية، وفي سنة 1989 انتقلت إلى العاصمة مع المدرب السيد عمار بوراس تم سافرنا للتدرب في الخارج وبالذات في ألمانيا وهنا انطلقت رحلتي الاحترافية وأصبح لدي فريق كامل يعمل معي بما فيهم الطبيب والمدلك ومناجير إيطالي، نلت في هذه الفترة كل الألقاب العالمية والأولمبية.
وبالنسبة للشطر الثاني من سؤالكي، لم أكن أنا من اخترت ألعاب القوى بل هي من اختارتني، – وبابتسامة تواصل حديثها- أفاجئكي أنني كنت أعشق كرة اليد، وكنت اطمح لممارستها، لكن القدر شاء أن يتم اكتشافي في المدرسة من قبل استاذتي سامية مقيدش التي وضعت لي اختبارات قياس السرعة ووجدت أنني سريعة جدا وأملك قدرات كبيرة في هذا التخصص، وبالتالي وجهتني لألعاب القوى، التي لم أكن أحبها، وشيء طبيعي عندما تكونين صغيرة تحبين الألعاب الجماعية مع صديقاتكي البنات، ثم وجدت نفسي في ألعاب القوى في رياضة فردية وملعب كبير، أصارحكي أن نفسيتي رفضتها في البداية لكن مع مرور الوقت استطعت الاندماج خاصة في تلك الفترة لم يكن لدينا مدربين فقط بل كانوا مربيين في نفس الوقت وكانوا يستعملون طرق بسيكولوجية مدروسة، وبفضل توجيهاتهم و نصائحهم أحببت ألعاب القوى وبالتالي تمكنت من العطاء فيها، وهذا الأمر مهم جدا، يجب أن نحب العمل كي نتمكن من النجاح وهذا يخص كل مجالات الحياة.
- تملكين سجلا رياضيا غني بالإنجازات، بعد مسيرة حافلة بالألقاب الوطنية الإفريقية والعالمية، حدثينا عن أهم محطات مسيرتك الرياضية؟
تمكنت بفضل الله من كسب كل الألقاب، فأنا بطلة وطنية مغاربية أفريقية عربية عالمية وأولمبية، وساذكر لكي أهم الألقاب التي حصلت عليها أولا بطولة افريقيا 1988 التي كانت نقطة البداية بالنسبة لي حيث تحصلت على ميدالية ذهبية في 1500 متر واخرى في 800 متر، في سنة 1990 شاركت في بطولة الاتحاد السوفياتي ودخلت مع 3 الأوائل، ومن هنا تأكد الجميع أن حسيبة وصلت إلى المستوى العالي، كما تحصلت على سبونسور مع “دوديرا” الإيطالية، وتحصلت على أول ميدالية ذهبية في تاريخ الجزائر والرياضة النسوية”، كما شاركت في بطولة البحر الأبيض المتوسط سنة 1991 التي جرت بأثينا أين تحصلت أيضا على ميداليتين في 1500 و800 متر، وفي نفس السنة كانت انطلاقتي الفعلية مع البطولات العالمية حيث شاركت في بطولة طوكيو، أين تحصلت على أول لقب عالمي في تاريخ الجزائر والقارة الإفريقية، بعدها بدأت مرحلة الغيرة والحقد وتعلمين أن “كل ذي نعمة محسود” وبدأ التقليل من شأن الانجازات وبدأت الأقاويل بأن هذه هي حدود امكانيات حسيبة يعني البطولة العالمية، ولن تتمكن من تجاوزها ولن تستطيع أن تتوج باكثر من هذا، لكنني –والحمد لله- أثبت لهم العكس ، وتمكنت من التتويج في أولمبياد برشلونة سنة 1992، وأكدت قوتي وكفاءتي البدنية وفي الميدان أخرست كل الألسنة التي كانت تشكك في قدراتي، وأكدت أنني الأقوى في أولمبياد برشلونة، حيث كسبت أول ميدالية ذهبية أولمبية في تاريخ الجزائر وكانت أحلى ميدالية في مسيرتي والتي أحرزتها بتوقيت رهيب حيث كنت على وشك تحطيم الرقم القياسي، فالسباق كان قوي رائع وجميل، شاركت فيه أشهر العداءات في العالم، بعدها جاءت سنة 1993 البطولة العالمية شتوتجارد أين تحصلت على ميدالية برونزية حيث كنت أعاني آنذاك من الإرهاق والتعب، لكنني تمكنت من العودة إلى مستوايا سنة 1994 في كأس العالم بلندن حيث توجت بالميدالية الذهبية وأكدت قوتي مجددا سنة 1995 في البطولة العالمية بغوتبورغ السويد أين أحرزت الميدالية الذهبية، هذه باختصار أهم الانجازات حيث كنت أرفع الراية الوطنية عاليا وأقول الجزائر هي التي تفوز وتنتصر.
- كيف تقيمين واقع الرياضة المدرسية، وكيف يمكن النهوض بها؟
الرياضة هي برنامج حياة وصحة وتربية وتعليم ووسيلة لغرس الإرادة والتحدي والقوة النفسية والجسدية في الأطفال وحتى حب الوطن، وبما أن التربية تنطلق من الأسرة، ثم المدرسة والمجتمع، فيجب أن يكون الأولياء مهتمين بالرياضة وأن تكون المدرسة تحتوي على برامج رياضية تربوية، لكن للأسف اليوم أغلب الأولياء في بلادنا غير مقتنعين بالرياضة، فنجدهم يطالبون ابنائهم بالمراجعة و بالدراسة ويقومون بتسجيلهم في الدروس الخصوصية لكنهم يهملون الرياضة ولاينصحون ابنائهم بمزاولة تخصص رياضي، ولا يحفزونهم على ممارستها، وحتى البرامج المدرسية لا تعطي أهمية كبيرة للرياضة، من حيث الساعات المخصصة لها ومن حيث المعامل، وأنا أقترح أن يتم رفع معامل التربية البدنية في المدارس، لأننا نجد أن التلاميذ والطلبة يهتمون بالمواد التي يكون معاملها كبير بهدف رفع معدلهم السنوي، وإذا تم رفع معامل الرياضة في المدارس فإن التلاميذ وحتى أوليائهم سيعطونها الأهمية التي تستحقها، المشكلة اليوم هي مشكلة أخلاقية، ويمكن قياس ذلك على كل المجالات، الرياضة المدرسية يجب أن تخطوا خطوات عملاقة ومازالت تحتاج لتطوير، لأنها الخزان الذي يكتشف المواهب.
- يرى البعض أن هناك اهتمام زائد بكرة القدم باعتبارها الرياضة الأكثر شعبية على حساب تخصصات رياضية أخرى، هل تتفقون مع هذا الرأي؟ وماذا تقترحون لإعادة التوازن؟
صراحة لا يمكننا أن ننكر أن كرة القدم هي الرياضة الأكثر شعبية في الجزائر وفي العالم بأسره، هي رياضة جماهيرية تستقطب اهتمام الإعلام والسبونسورينغ والإشهار، وعندما يجتمع المال والإعلام في أمر ما فإنه لا يمكن التمكن من مجاراته، لكن هذا لا يعني أن يتم إقصاء الرياضات الأخرى، والتي يجب أن تتحدى و تناضل من أجل التواجد في الساحة وأن تفرض نفسها بقوة من خلال النتائج، فمثلا عندما حققت أنا و زميلي مرسلي الميداليات الأولمبية استطعنا في تلك السنوات أن نقلب الموازين، وأجبرنا الإعلام على تتبع أخبارنا وأصبح الشعب الجزائري يتتبع أخبارنا، وتمكنا من تعريف الجماهير برياضة ألعاب القوى، والشعب الجزائري ذواق لكل الرياضات وأصبحت الجماهير تعرف ما معنى الميل وما معنى 800 متر و1500 متر، حتى أنني أذكر أن الجزائريين في البطولة العالمية بطوكيو كانوا يستيقضون على الرابعة صباحا لمشاهدة المنافسة الخاصة بي بسبب فارق التوقيت، وكانت تصلني أصداء تشجيعات الجماهير، وحتى عندما حققت الميدالية الأولمبية ببرشلونة 1992 وكنت آنذاك رفقة زميلي نورالدين مرسلي، استقبلنا رئيس الجمهورية الراحل الشاذلي بن جديد في المطار، وكانت أول مرة يتم استقبال رياضيين من طرف رئيس الجمهورية، يعني أننا استطعنا فرض أنفسنا بواسطة النتائج، وأفتكينا احترام وتقدير الشعب والسلطات والعالم بأسره أصبح يعرفنا، لكن ألاحظ اليوم للأسف الشديد أن وسائل الإعلام تخصص صفحات في الجرائد وساعات عبر القنوات للحديث عن كرة القدم ورياض محرز مثلا الذي ألاحظه في الصفحة الأولى من جريدتكم أيضا، وأنا لست ضد الحديث عنهم لانهم فعلا تمكنوا من تحقيق نتائج ايجابية وأسعدونا في عدة مناسبات، لكن أنا ضد المبالغة من جهة والإقصاء والتهميش من جهة أخرى، لأنه مثلا توفيق مخلوفي أيضا حقق نتائج جيدة وهو الجزائري الوحيد الذي توج بثلاث ميداليات أولمبية ( ذهبية و2 فضية) وهو على أبواب دخول غمار أولمبياد طوكيو أكبر حدث رياضي عالمي، إلا أن وسائل الإعلام لا تنقل أخباره ولا تبحث عن جديده، وهذا أمر لا يشجع على العطاء.لذا أقترح أن تخصص وسائل الإعلام بجميع أنواعها (السمعية والبصرية والمكتوبة وحتى الإلكترونية) حيز لكل الرياضات، وأن يكون هناك نوع من العدالة في التغطية الإعلامية، فوسائل الإعلام يمكنها تحفيز الرياضي وتدفع الشركات الراعية للتعاقد معه بعد أن يصبح مشهورا، يعني أنها يمكن أن تعطي دفع كبير للرياضي، وهذا يحفزه ماديا ومعنويا.
كيف تتم صناعة البطل الرياضي بناءا على خبرتك؟
لكي نصنع رياضي كبير يجب أن تكون سياسة هرمية وننطلق من القاعدة إلى رأس الهرم، لأن أغلب الرياضيين ينحدرون من المناطق الداخلية للوطن، ويجب توفير الإمكانيات والتجهيزات والملاعب والقاعات والفرق، لأن الطاقات والمواهب متواجدة في المناطق الداخلية، وهي في حاجة لمن يكتشفها، ويسقل مواهبها، ففي فترة السبعينيات والثمانينات القرن الماضي كانت هناك سياسة جيدة للبحث عن المواهب، وحسب خبرتي يجب العودة إلى التكوين وتخصيص الإمكانيات اللازمة للمرافق في المناطق الداخلية عن طريق دعم الرابطات والأندية لتمكينها من اكتشاف المواهب وسقلها لتزويد الفرق الوطنية في جميع التخصصات بأبطال يمكنهم رفع الراية الوطنية تمثيل الجزائر في الحافل الدولية على أحسن وجه.
- جمعتي بين الدراسة والرياضة، كيف استطعتم التوفيق؟ وماهي نصائحكم للرياضيين الذين يزاولون دراستهم؟
نصيحتي لن تكون للرياضيين، بل ستكون للمسيرين، لان الرياضي الذي يدرس صعب جدا أن يوفق بين الدراسة والتدريب فالبرامج الدراسية كبيرة جدا ومليئة بالكتب والمواد، ومن جهة أخرى الرياضي يحتاج لساعات طويلة من التدريب، ويحتاج للتغيب لدخول بعض المنافسات الهامة، ويجد نفسه في أغلب الأحيان غير قادر على التوفيق، لذا أقترح أن يستفيد الرياضي الذي يزاول دراسته من برنامج خاص عن طريق الإنقاص من برنامجه الدراسي ومحاولة وضع جدول إختبارات خاص به، ومساعدته عن طريق توفير دروس دعم، أو عن طريق وضع سياسة جديدة تعتمد على الدراسة والرياضة في نفس الوقت، مثلما نجده في الدول المتطورة التي تعتمد على سياسة المدرسة والرياضة في نفس الوقت ويكون نصف اليوم مخصص للدراسة والنصف الآخر مخصص للرياضة، يعني يتدربون ويدرسون في نفس المكان، حيث لا تكون البرامج مليئة ومكتضة بالدروس ويكون التلميذ أوالطالب قادر على ممارسة الرياضة وينجح في دراسته في نفس الوقت لأن الرياضي الذي يدرس 3 أو أربع ساعات في اليوم ليس مثل الرياضي الذي يدرس 7 أو 8 ساعات في اليوم، فالأول يجد متسعا من الوقت للتدريبات والثاني يجد نفسه عاجز عن التوفيق وفي أغلب الأحيان يضطر للتضحية بإحداهما(الرياضة أو الدراسة)، وبالنسبة لي – تضحك- “ربي هو اللي وفقني”.
- تم انتخابكي مؤخرا عضوا في المكتب التنفيذي للجنة الأولمبية الجزائرية، هل ممكن أن نعرف مهامكي في هذا المنصب، وما هو برنامجك للدفع برياضة النخبة وتطويرها؟
فعلا انتخبت مؤخرا في المكتب التنفيذي للجنة الاولمبية، الذي يعمل بالتسيير الجماعي وعلى رأسه تم انتخاب صديقي وأخي عبد الرحمن حماد، وخلال العهدة الماضية كنت رئيسة لجنة الرياضة والمرأة كما كلفت بمهمة رئيسة الوفد خلال ألعاب البحر الأبيض المتوسط طاراقونا باسبانيا، كما تم تكليفي بمهمة رئيسة الوفد لأولمبياد طوكيو وكنت في العهدة الانتقالية قد شغلت منصب نائب رئيس اللجنة الاولمبية بعد استقالة بيراف، وبالنسبة لي لا يهم المناصب بل ما يهم هو العمل الجماعي وأن نساند بعضنا ولما تسود الأخوة والتفاهم والثقة أكيد سنتمكن من تحقيق الأهداف المسطرة والنجاح في عدة برامج.
- بالإضافة لهذا، تشغلين حاليا منصب رئيسة الوفد الأولمبي الجزائري طوكيو 2021،حدثينا عن واقع التربصات والتحضيرات التي تلقاها الرياضيون خاصة في ظل حالة الإغلاق التي شهدتها بلادنا والعالم خلال السنة الماضية؟
كرئيسة الوفد الجزائري لطوكيو أقول أن هذه المهمة في فترة جائحة كورونا تعد “صعبة جدا”، خاصة بعد أن ساهم تفشي الفيروس في تغيير نمط الحياة بالنسبة للعالم بأسره، والجميع يعلم أن العالم يعمل في هذه الفترة وفق نظام خاص، وبالنسبة لتحضيرات الرياضيين فهو أمر يخص الإتحاديات التي تسهر على توفير التدريبات والتربصات للحفاظ على لياقة رياضييها المتأهلين إلى طوكيو لتمكينهم من الدفاع على الألوان الوطنية، وكل اتحادية لديها برنامج خاص بهذا الأمر، وبالنسبة لنا كلجنة أولمبية دورنا خلال البعثة هو مرافقة الوفد في الدورة الأولمبية،كما نرافق الاتحاديات التي تطلب الدعم المالي لإجراء التربصات قبل الحدث، كما أن اللجنة تعكف على تقديم منح أولمبية للإتحاديات تحصل عليها من ثلاث جهات الأولى من اللجنة الأولمبية الإفريقية والثانية من اللجنة الأولمبية الدولية والثالثة من اللجنة اللجنة الأولمبية الجزائرية، وهي مبالغ ليست كبيرة جدا لكنها تساعدهم على توفير بعض التربصات وتسيير أمورهم المادية، وبالنسبة لتحضيرات طوكيو فهي تسير ب”صفة عادية” من الناحية اللوجيستيكية، توفير تذاكر السفر، الإقامة في طوكيو، وكان من المقرر أن نجمع الوفد الجزائري للتحضير والتربص في تركيا قبل التنقل إلى طوكيو بطلب من اللجنة الأولمبية التركية، لكن تم إلغاء البرنامج بسبب تفشي جائحة كورونا، فقمنا بتحويل التربصات إلى بلدان أخرى حيث يتواجد رياضيي الملاكمة في تربص في مدينة سوتشي الروسية أما المبارزة فيتواجدون حاليا بأكرانيا، أما عن بقية الرياضيين في تخصصات أخرى منها السباحة والكاراتي فيتواجدون في فرنسا خاصة المتعاقدين مع نوادي فرنسية وبالنسبة لهؤلاء الرياضيين سنقوم ببعث تذاكر سفرهم إلى اماكن تواجدهم، للإلتحاق بطوكيو، أما المتواجدين في الجزائر فسيسافرون ضمن الوفد الجزائرين الشيء الوحيد الذي يختلف في هذا الأولمبياد هو كورونا التي جعلت اللجنة المنظمة تتخذ إجراءات نوعا ما صارمة فكل رياضي معني بالمنافسات لا يمكنه التواجد باليابان قبل سبعة أيام من انطلاق الحدث الأولمبي، لو يسافر قبل الحدث بثمانية ايام لا يدخل البلد ويتم إعادته من حيث أتى، والرياضي الذي يكمل المنافسة الخاصة به حسب برنامج المسابقات فلديه 48 ساعة لمغادرة البلاد وفي ظل نقص الرحلات الجوية بسبب الجائحة، الأمور التنظيمية أصبحت معقدة جدا، حيث علينا أن نتخذ التدابير اللازمة لاحترام البروتوكول الياباني والقوانين التي فرضتها لجنة التنظيم، وفي المقابل نسعى لتوفير أحسن الظروف للبعثة الجزائرية، ونحن في تواصل دائم معهم في هذا الشأن، كما استلمنا الإعتمادات الخاصة بالوفد الجزائري والتي وصلتنا يوم أمس (تقصد الثلاثاء 22 جوان)، بالنسبة لي يتحتم أن أسافر قبل البعثة لكي أقف على جميع الإجراءات هناك ومن المقرر أن أتنقل إلى اليابان يوم 15 جويلية ان شاء الله، وسيصل الوفد الأول يوم 16 وستتوافد البعثات الجزائرية على التوالي يوم 19 ويوم 20 من الشهر المقبل وستتواصل الرحلات إلى يوم 01 أوت بحول الله، وقبل سفري سنقوم بتنظيم ندوة صحفية سأعلن من خلالها عن كل هذه التفاصيل، مع العلم ان هذه المعلومات حصرية لجريدتكم.
- خضتي تجربة في مجال المجتمع المدني حيث ترأستي جمعية لمرضى السرطان بقسنطينة، حدثينا عن هذه التجربة، ومارأيك في الإجراءات التي اتخذتها الدولة لدعم المجتمع المدني كإنشاء بعض الهيئات الشبانية كالمرصد الوطني للمجتمع المدني والمجلس الأعلى للشباب؟
انضممت إلى عدة جمعيات خيرية وثقافية، وكنت عضو في المرصد الوطني للمجتمع المدني من سنة 2004 إلى سنة2008، وأنا حاليا عضو في اللجنة الوطنية لمساندة الشعب الصحراوي، كما أسست سنة 2009 مدرسة وفريق خاص بألعاب القوى بمدينة قسنطينة تحت تسمية “مواهب أتليتيك قسنطينة”، وهو فريق لاكتشاف المواهب، أنشأناه بغية تلبية احتياجات الرياضيين في قسنطينة خاصة أمام نقص الفرق والامكانيات في هذا التخصص، وجدت نفسي مجبرة لإنشاء فريق بهدف مساعدة عائلة ألعاب القوى القسنطينية هذه المدينة التي ترعرعت فيها وأكن لها المحبة والتقدير وأحس دائما بأنني مدينة لها ولأهلها، وأعتبره واجب بالنسبة لي، وتمكنا بفضل الله من اكتشاف العديد من المواهب بما فيها الرياضي “تريكي” المتخصص في الوثب الثلاثي الذي انطلق من هذا الفريق وتدرب فيه حي تم اكتشافه، وبالنسبة لي المجتمع لا يمكنه أن يتطور بدون وجود جمعيات متطورة لديها موارد ودعم مالي وتعمل في إطار منظم وتملك برامج متوسطة وبعيدة المدى وأن يكون لديها انخراط مع جميع فئات الشعب، وهذا مهم جدا لأنه إن لم يكن لديها قاعدة شعبية فلن يكون لديها أي فائدة ولن تحقق النتائج المرجوة ولن تتمكن بذلك من مساعدة المواطنين وتقديم الدعم لجميع شرائح المجتمع، وفي شتى الميادين سواء الرياضية أو الإجتماعية أوالإقتصادية وحتى الثقافية السياحية.
- تتابعين ما يحدث في فلسطين وفي الصحراء الغربية، ماذا تقولين في هذا الشأن؟
قضية فلسطين هي قضية جوهرية ثابتة في قلوب كل الجزائريين لا تحول ولا تزول، ولا يوجد شعب في العالم بأسره تبنى القضية الفلسطينية مثل الشعب الجزائري وهذه السياسة لم ولن تتغير وسنواصل دعمها وسنبقى دائما نردد مقولة الرئيس الراحل هواري بومدين “نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة”، أما فيما يخص القضية الصحراوية فهي قضية مهمة جدا لدى الشعب الجزائري، وإخواننا اللاجئين الصحراويين متواجدين في مخيمات بمدينة تيندوف منذ سنوات، والقضية الصحراوية حتى يعلم الجميع بما فيهم إخواننا في المغرب هي قضية أممية تخص الصحراء الغربية وتخص المغربفقط، والجزائر لا تستطيع أن لا توفي بعهدها الخاص بدعم حركات التحرر خاصة وأننا عانينا طويلا من الاستعمار ونلنا الاستقلال بفضل تضحيات كبيرة، وتعد الصحراء الغربية آخر المستعمرات في إفريقيا ومن حقها تقرير مصيرها حسب الشرعية الدولية بعيدا عن التهويل، والشعب الصحراوي من حقه أن ينعم بالإستقلال.
- ماذا عن أجمل ذكريات حسيبة بولمرقة؟
قد تستغربين عندما أقول لكي أنني عندما أقلب صفحات الذاكرة أجد أن ذكرياتي المؤلمة أكثر من الجميلة، حياة الرياضي تكون مليئة بالمفاجآة وطريقه تعترضها الصعاب والعراقيل، وإذا وضعتها في ميزان فإن كفة الذكريات المؤلمة ستتغلب، حسيبة الجالسة أمامكي لا تذكر من ماضيها سوى الملعب والتدريبات والسفر وحتى عندما كنت أسافر حول العالم، لم أكن أجد وقتا للسياحة أو التسوق، كنت أتنقل بين الفندق والملعب والمطار، حياتي كانت تدور في هذه الأماكن الثلاثة فقط، وحتى من الناحية العائلية لم أكن أحضر للمناسبات والأعراس مثلا، كانت أيام الأسبوع متشابهة لا أملك حتى يوم للراحة، فالرياضة في المستوى العالي (رياضة النخبة ) تتطلب تضحيات كبيرة، كان لدي برنامج تدريبي صارم، وبرنامج غذائي دقيق، لما كنت أتوج بالميداليات أدخل غرفتي في المساء، وأتحدث معها قائلة “أمن أجلكي ضحيت بكل ملذات الحياة؟؟؟” لذا خزانة ذكرياتي لا تحتوي على الكثير من الذكريات الجميلة، ماعدا السعادة التي تغمرني عند التتويج بالميداليات الذهبية العالمية والأولمبية، كما أحتفظ بذكرى تكريمي من قبل الرئيس الراحل “الشاذلي بن جديد” بوسام الإستحقاق الوطني، وهو التكريم الذي أعتبره الأفضل في حياتي، وكان ذلك سنة1991، أحسست حينها بالاحترام والأبوة والتقدير، نحن في الجزائر عندما يفوز فريق كرة القدم بمقابلة مع مصر يتم تكريمه من قبل الرئيس، وعندما يجلب رياضي في العاب القوى أو تخصص آخر ميدالية ذهبية في بطولة عالمية لا يتم تكريمه، ويتم نسيانه بسرعة رغم عناءه من أجل تحقيق هذا الإنجاز، في الجزائر كل الشعب الجزائري يحب الكلام لكن للأسف ليس كل الشعب يحب العمل.
أجرت الحوار / كريمة بندو
صور/ بختة بن يمينة
مناقشة حول هذا المقال