عبد الرحمن حماد، رياضي سابق ورئيس اللجنة الأولمبية الجزائرية، من مواليد سنة 1977، ينتمي إلى أسرة ألعاب القوى، تخصص القفز العالي، صاحب برونزية سيدني الأولمبية سنة 2000، يشغل حاليا منصب رئيس اللجنة الأولمبية الجزائرية، استضافنا في مكتبه بمقر اللجنة ببن عكنون الجزائر العاصمة، ودار بيننا الحوار التالي:
- حماد من بطل أولمبي إلى مسؤول رياضي، حدثنا عن اهم محطات هذه المسيرة، وكيف تم هذا الانتقال؟
خلال مسيرتي الرياضية تحصلت على عدة ميداليات وأذكر منها الميدالية البرونزية الأولمبية في سيدني سنة 2000، وفي نفس السنة تحصلت أيضا على الميدالية الذهبية البطولة الإفريقية، وقبلها أحرزت عدة ميداليات أولها سنة 1997 حين تحصلت على الميدالية الفضية في الألعاب العربية، تليها الميدالية الذهبية في بطولة افريقيا سنة 1998، وميدالية فضية في بطولة افريقيا سنة 1999، أما في سنة 2001 فتحصلت على ذهبية ألعاب البحر الأبيض المتوسط التي جرت بتونس، وفي سنة 2002 تحصلت على ذهبية البطولة الإفريقية وفي نفس السنة أحرزت المرتبة الثالثة في سباق الجائزة الكبرى لألعاب القوى.
ليتم انتخابي سنة 2013 كعضو في المكتب التنفيذي للجنة الأولمبية، وتم تجديد الثقة في شخصي كعضو في اللجنة إلى غاية سنة 2020، أين حظيت بثقة الأعضاء ليتم انتخابي بعدها رئيسا للجنة الأولمبية الجزائرية.
- هو تحول كبير من رياضي يتوج في أرضية الميدان ويصعد منصة التتويج لتشريف الراية الوطنية، إلى المسؤول الأول في اللجنة الأولمبية التي تعد هيئة رياضية هامة؟ حدثنا عن هذه النقلة.
أكيد هناك فرق كبير، الرياضي لديه برنامج محدد يشرف عليه مدرب وفريق طبي، لكن المسؤول لديه مهام أخرى تتمثل في تنمية وتطوير وحماية الحركة الأولمبية عبر التراب الوطني، وضمان احترام الميثاق الأولمبي وميثاق الأخلاقيات والميثاق العالمي لمكافحة المنشطات وكافة قوانين اللجنة الأولمبية الدولية، و التشجيع على تنمية رياضة النخبة مع السهر على الأنشطة التي من شأنها تشجيع الرياضة ذات المستوى العالي والنهوض بالرياضة للجميع، خاصة في مجال تكوين المسيرين والرياضيين والمدربين، وعدة مهام أخرى لا يمكن حصرها في لقاء واحد، باختصار يسعى رئيس اللجنة الأولمبية للمساهمة في تطوير الرياضة في الجزائر.
- وعدتم عقب انتخابكم بإعادة الهيكل التنظيمي للجنة الأولمبية، أين وصلت العملية؟
انطلقنا في هذه العملية، لكن يتعين عقد جمعية عامة عادية للجنة، لكي يتم مناقشته والمصادقة عليه، وبلورة أو مناقشة الهيكل التنظيمي الجديد للجنة الأولمبية، يتطلب مشاركة كل الاتحاديات الرياضية، فضلا عن محتوياته التي يجب أن تتماشى مع القوانين الجزائرية، وبعدها سنعرضه على الجمعية العامة العادية للمصادقة عليه، وإرساله في آخر خطوة إلى اللجنة الدولية الأولمبية.
النتائج السلبية في أولمبياد طوكيو راجعة إلى نقص التحضيرات بسبب تفشي جائحة كورونا
- نتائج الموعد الأولمبي طوكيو 2021، لم ترقى إلى المستوى المطلوب، وبرر الرياضيون المشاركون في الدورة هذه النتائج بغياب التحضيرات الملائمة وتذبذب التدريبات، ما تعليقكم، وماهي الدروس المستخلصة من هذه المنافسة؟
سعينا خلال الأشهر الأولى من انتخابنا على رأس “الكوا”، إلى إعادة تنظيم أمور اللجنة الأولمبية، وسطرنا برنامجا ثريا لإضفاء الحيوية على نشاطنا، من خلال برمجة محاضرات ولقاءات خاصة بالمسائل الأولمبية، وكنا بصدد تسطير برنامج يتناول التحضيرات للألعاب الأولمبية المقررة بطوكيو، لكن تفاجأنا بدخول وباء “كورونا” إلى الجزائر، حيث قررت الوزارة غلق كل القاعات والمرافق الرياضية ومنع التجمعات، ووجدنا أنفسنا في أوضاع صعبة للغاية، وهو حال الرياضيين أيضا بصفة عامة، خاصة الرياضيين الذين كانوا على موعد مع الألعاب الأولمبية طوكيو 2021، بعدما تم تعليق النشاط التنافسي، حيث عانى الرياضيين من نقص التدريبات والتحضيرات البدنية، صراحة، مرت الرياضة بأوقات عصيبة في تلك الفترة، ومن الصعب على أي رياضي، مهما كان مستواه، القيام بالتحضيرات في مثل تلك الظروف الصحية التي اجتازتها الجزائر والعالم بأسره، جائحة “كورونا”، أخلطت حسابات “السيو” وأجلت الموعد الأولمبي إلى صائفة 2021، ممرنا بحالة طوارئ، وفترة استعجالية لتحضير رياضيينا لألعاب طوكيو الأولمبية.
يخطأ من يعتقد أن للجنة الأولمبية المسؤولية المباشرة على النتائج السلبية أو الإيجابية للرياضيين في المنافسات الدولية
- هل نستطيع القول أن الممارسة الرياضية في الجزائر بدأت تخضع للقيم الثمانية التي طرحتموها في برنامجكم، وماهي استراتيجيتكم لتكريس هذه القيم؟
كمسؤول أول على “الكوا”، وضعت إمكانيات اللجنة الأولمبية تحت تصرف الرياضيين المتأهلين والساعين للتأهل للمحافل الدولية، من خلال تسخير كل الموارد المادية والبشرية للعودة إلى التدريبات، بعد فترة طويلة من التوقف التي كانت صعبة على رياضيينا، من خلال وضع جميع المرافق تحت تصرفهم بشكل مستعجل، ليكونوا في أحسن الظروف.
ويخطأ من يعتقد أن للجنة الأولمبية المسؤولية المباشرة على النتائج السلبية أو الإيجابية للرياضيين في المنافسات الدولية، فدورها ومسؤوليتها الأساسية، تتمثل فقط في مرافقة الرياضيين المتأهلين، أو الذين يتوفرون على حظوظ التأهل إلى الاستحقاقات العالمية، عن طريق تسخير الإمكانيات الموجودة على مستواها، أو الممنوحة من الهيئات الدولية، على غرار “سيو”، “أكنوا” و”سي أم جي” اللجنة الدولية للألعاب المتوسطية، فضلا عن تنظيم سفريات الوفود الرياضية للاستحقاق الأولمبي (الألبسة، الطائرة، والوسائل اللوجستيكية).
فالاتحاديات الرياضية تبقى المسؤولة الأولى عن نتائج رياضييها في الألعاب الأولمبية أو غيرها من المنافسات الدولية القارية أو المحلية، بدليل أن الميزانية الخاصة بالتحضيرات، ليست اللجنة الأولمبية من يوفرها للرياضيين، بل وزارة الشباب والرياضة هي التي تتكفل بالملف المالي للاستعدادات، علاوة على ذلك، فإن الرياضيين المتأهلين إلى الدورة الأولمبية، يستفيدون من منح مالية خاصة بتحضيراتهم، تسلمها لهم اللجنة الأولمبية، ومنح التحضيرات يستغلها الرياضيون للقيام بالتدريبات في الخارج.
وتقوم اللجنة الأولمبية ببرمجة عدة فعاليات، حيث نعمل هذه الأيام على تنظيم الطبعة ال14 لتظاهرة الاسبوع الأولمبي “رياضة الجنوب” التي ستستضيفها ولاية بسكرة في الفترة من 25 إلى 29 ديسمبر الجاري، كما نقوم بالتحضير لعقد منتدى الرياضيين بمقر اللجنة الأولمبية يوم 30 ديسمبر الجاري، حيث نسعى من خلاله للاستماع لانشغالات الرياضيين وتبادل الاقتراحات للخروج بحلول مناسبة لمختلف المشاكل والعراقيل التي يواجهها رياضيي النخبة في الجزائر.
- حسب خبرتكم، كيف يمكن تقريب الرياضة من الهواة، لاكتشاف المواهب الصاعدة خاصة في المناطق البعيدة والتي تشكوا انعدام المرافق الرياضية؟
لمراكز التدريب، أهمية كبيرة بالنسبة للرياضيين المحترفين وحتى الهواة للتمكن من ممارسة رياضتهم المفضلة، وعادة ما تلح اللجنة الدولية الأولمبية على اللجان الوطنية الأولمبية عبر العالم، على ضرورة تقريب الرياضيين من مراكز التدريب، لكن في الجزائر، بعض المناطق خاصة النائية تفتقر لمراكز التدريب ووسائل التحضير، وحتى ان وجدت في بعض المناطق تحتوي على عدة نقائص وهناك اتحاديات تتفادى إرسال رياضييها إليها، نظرا لعدم توفرها على الوسائل الملائمة، لكن لا يجب اتهام كل المراكز بهذه الصفات، حيث نجد من بينها من تتوفر على وسائل وظروف ممتازة، لتحقيق أرقى التحضيرات، واللجنة الأولمبية لا يمكنها التدخل في تسيير مراكز التحضير، وزارة الشباب والرياضة هي المعنية الأولى بهذا الملف، وبالمناسبة أثني على جهود الوزارة التي أمرت بتجسيد تعليمة وزارية جديدة، تضمن لرياضيي النخبة الوطنية الحصول على عمل محترم ودائم، بعد استفادته من تكوين لمدة 6 أشهر، وكل رياضي سيستفيد من تربص حسب الموروث الدراسي الذي يملكه، ومن هنا تحدد نوعية العمل الذي سيمنح له.
أملنا الظهور بوجه مشرف يليق بسمعة الرياضة الجزائرية في ألعاب البحر الأبيض المتوسط وهران 2022
- تحتضن ولاية وهران خلال الصائفة المقبلة فعاليات الطبعة 19 لألعاب البحر الأبيض المتوسط، ونسعى لتحقيق نتائج إيجابية واحتلال مراكز متقدمة في جدول الترتيب، حدثنا عن التحضيرات المخصصة لهذا الحدث الهام، لاسيما وقد وقفتم على بعض الهياكل خلال زياراتكم التفقدية؟ وأيضا عن تحضيرات الرياضيين لهذا الموعد؟
بداية، أملنا كمسؤولين على اللجنة الأولمبية الجزائرية، الظهور بوجه مشرف يليق بسمعة الرياضة الجزائرية في ألعاب البحر الأبيض المتوسط ، هذا الحدث المتوسطي الهام الذي ستشارك فيه 25 دولة، وأمام منافسة كبيرة من دول لديها رياضيين من المستوى العالي كفرنسا وإيطاليا واسبانيا وغيرها من الدول، وكانت اللجنة الدولية لألعاب البحر الأبيض المتوسط قد عبرت عن ارتياحها الكبير لتقدم التحضيرات للطبعة ال 19 لألعاب البحر الأبيض المتوسط، حيث قامت لجنة التنظيم بعمل جيد في هذا المجال خاصة في ظل الأزمة الصحية العالمية، وتقوم لجنة التنظيم باتخاذ كافة الإجراءات حتى يتم احترام البروتوكول الصحي الذي سيطبق خلال الألعاب البحر الأبيض المتوسط بدقة سواء فيما يتعلق بالرياضيين أو الجمهور المدعو لحضور مختلف المنافسات، وأتمنى ألا يكون للجائحة انعكاسات سلبية مستقبلية على ألعاب البحر الأبيض المتوسط وهران 2022، كما أتمنى التوفيق لكل رياضيين في جميع التخصصات، وأن يشرفوا الراية الوطنية ويحرزوا مراتب متقدمة في جدول الترتيب.
- على اعتبار تجربتكم الميدانية كبطل أولمبي، ماهي النصائح التي تقدمونها للرياضيين الجزائريين، وماهي مقومات النجاح حسبكم؟
لن يصبح الرياضي محترفا بين عشية وضحاها، إنها عملية طويلة تستلزم وقت وجهد على المدى المتوسط والبعيد، وتستمر المهمة لسنوات من المثابرة، حيث يبدأ الرياضي في التطور انطلاقا من الفئات الصغيرة، ولن يتحقق الاحتراف إلا بالعمل الكبير والجهد والتضحية، ونراهن حاليا على مرافقة الرياضيين في المحافل الدولية الكبرى، ولكي نطالب الرياضيين بتحقيق نتائج جيدة والتتويج بالميداليات يجب توفير الظروف الملائمة والامكانيات المادية التحضيرية والمرافق والوسائل اللوجيستيكية، ويبقى أملنا كمسؤولين على الحركة الأولمبية الرياضية الوطنية، الظهور بوجه مشرف، يليق بسمعة الرياضة الجزائرية، في مختلف المواعيد الدولية، وإعادة أمجاد الجزائر الرياضية، لاسيما بالنسبة للتخصصات التي دأبت على تشريف الألوان الوطنية، وعودتنا على رفع الراية الوطنية على غرار ألعاب القوى، الملاكمة والجيدو.
أجرت الحوار / كريمة بندو ، صور/ بختة بن يمينة
مناقشة حول هذا المقال