يواصل الاحتلال الصهيوني الغاشم حربه على غزة لليوم الـ 271 على التوالي، وسط تكثيف الاحتلال لعملية نسف المنازل في القطاع المحاصر وتوسيع عملياته في مدينة رفح، فيما تعلن فصائل المقاومة الفلسطينية استهداف آليات وتجمعات جنود الاحتلال في عدة محاور. وفي الساعات الأولى من فجر الأربعاء، قال الدفاع المدني بغزة إن أربعة شهداء وجرحى سقطوا جراء قصف الاحتلال منزلا سكنيا بحي الشيخ رضوان بمدينة غزة.
دولياً، حضّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المدعو “بنيامين نتنياهو” على عدم إطلاق “عملية جديدة” قرب خانيونس ورفح في قطاع غزة. وأشار قصر الإليزيه إلى أن ماكرون “أعرب عن معارضته لأي عملية صهيونية جديدة قرب خانيونس ورفح”، معتبراً أنها لن تؤدي إلا إلى “تفاقم الخسائر البشرية والأوضاع الإنسانية الكارثية”.
وفي آخر إحصائياتها، قالت وزارة الصحة في قطاع غزة إن الاحتلال الصهيوني ارتكب خلال الـ 24 ساعة الماضية ثلاث مجازر ضد المدنيين راح ضحيتها 25 شهيداً و81 جريحاً، ما يرفع حصيلة العدوان الصهيوني منذ السابع من أكتوبر الماضي إلى 37925 شهيداً و87141 جريحاً.
الأمم المتحدة “الاحتلال الإسرائيلي منع وصول نصف المساعدات إلى شمال غزة”
قالت الأمم المتحدة، إن الاحتلال الإسرائيلي منع وصول أكثر من نصف المساعدات المرسلة إلى شمال قطاع غزة خلال شهر جوان الماضي.
وأشار المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك في مؤتمر صحفي، إلى أن النازحين في غزة يعانون نقصاً كبيراً في مواد الإيواء أو الإمدادات الحيوية.
ولفت إلى أن الذخائر غير المنفجرة في غزة تشكل خطراً كبيراً، وخاصة على الأطفال، مشيراً إلى مقتل طفلة في الـ 9 من عمرها في خان يونس الأسبوع الماضي بسبب هذه الذخائر. وأضاف أن الاحتلال الصهيوني منع وصول أكثر من نصف المساعدات المخطط لها إلى شمال غزة والبالغ عددها 115 مهمة خلال شهر جوان المنصرم، كما أفاد برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة بنقل بعض المساعدات من الرصيف الأميركي العائم في غزة إلى مستودعاته بسبب توقفه عن الخدمة مرة أخرى. والجمعة، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية تفكيك الرصيف العائم قبالة سواحل قطاع غزة، وسط توقعات بارتفاع موج البحر وسوء الطقس.
“أمر الإخلاء “الصهيوني” هو الأكبر في غزة منذ شهر أكتوبر”
كما قالت الأمم المتحدة كذلك، “إن الأمر الذي أصدره الكيان الصهيوني للفلسطينيين بإخلاء مناطق في خان يونس ورفح هو الأكبر من نوعه في قطاع غزة منذ أن أمرت 1.1 مليون شخص بمغادرة شمال القطاع في أكتوبر المنصرم.
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، إن أمر الإخلاء الذي صدر يوم الإثنين ينطبق على نحو ثلث قطاع غزة، وأظهرت تقديرات أولية لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) أن نحو 250 ألف شخص ربما يعيشون حاليا في هذه المنطقة.
وأضاف دوجاريك: “إخلاء بهذا الحجم الهائل لن يؤدي إلا إلى تفاقم معاناة المدنيين وزيادة أكبر في الاحتياجات الإنسانية”
ومضى يقول: “أمام الناس خيار مستحيل، وهو الاضطرار إلى الانتقال، بعضهم على الأرجح ينتقل للمرة الثانية أو الثالثة، إلى مناطق ليس بها تقريبا أي أماكن أو خدمات، أو البقاء في مناطق يعلمون أنها ستشهد قتالا شديدا”
إجماع دولي على ضرورة تسريع دخول مساعدات الى قطاع غزة
لا تزال الحكومة الإسرائيلية تعرقل دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة على الرغم من مرور 6 أشهر على تبني مجلس الأمن القرار 2720.
وكان هذا القرار قد دعا إلى تسهيل دخول المساعدات بالكميات الكافية، وأنشأ منصب كبيرة منسقي المساعدات وإعادة الإعمار سيغريد كاغ.
سيغريد كاغ التي عادت إلى مجلس وتشكو ما تسميه غياب الإرادة السياسية واستمرار عرقلة دخول المساعدات، قالت في كلمتها إنه “ما من بديل عن الإرادة السياسية، وما من بديل عن الاحترام الكامل للقانون الإنساني الدولي خصوصًا فيما يتعلق بحماية المدنيين”.
وأعادت إحاطة سيغريد كاغ تأكيد استمرار الكيان الصهيوني في عرقلة تطبيق القرارات الدولية في قطاع غزة، وحتى الآن لا تحرك جديد مرتقب في مجلس الأمن للدفع قدمًا نحو اتخاذ إجراءات ملزمة في هذا الاتجاه.
الجزائر تحمل الكيان الصهيوني مسؤولية عرقلة وصول المساعدات
الجزائر بدورها دعت المجلس إلى فرض تطبيق قراراته، محملة الكيان الصهيوني المسؤولية عن منع دخول المساعدات ومتهمة إياها بالعمل على دفع الفلسطينيين إلى خارج أرضهم ومنع هيئات الأمم المتحدة من تأدية مهماتها.
وقال بن جامع، في كلمة له خلال اجتماع مجلس الأمن الدولي لمناقشة مسألة وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة إن “الجوع وسوء التغذية تسببت في أزمة كارثية بغزة”، مشددا على أنه تفادي مجاعة تامة بقطاع غزة، يستدعي السرعة في تأمين وصول المساعدات إلى شمال القطاع.
وذكر السفير الجزائري، بأنه في شهر ديسمبر الماضي اعتمد مجلس الأمن القرار 2720 الذي يقضي بإنشاء آلية لتسيير الإجراءات الخاصة بوصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، “إلا أن الأحداث والوقائع أثبتت عدم نجاعة وفعالية هذا القرار”، مشيرا إلى أنه عندما مع اعتماد هذا القرار بدأت تدخل يوميا إلى قطاع غزة حوالي 100 شاحنة، فيما كانت تدخل يوميا إلى القطاع قبل السابع أكتوبر 500 شاحنة.
ولفت إلى أن الأطراف الفاعلة في المجال الإنساني تعاني صعوبات في الوصول إلى غزة، مشيرا إلى أن سياسة الإحتلال الصهيوني المتعمدة لاستخدام التجويع كإحدى أدوات الحرب حالت دون وصول المساعدات الإنسانية إلى القطاع.
وشدد بن جامع، على أنه لا يمكن تبرير تدمير معبر رفح الذي خرج عن الخدمة الآن. كما لا يمكن تبرير العوائق البيروقراطية التي تفرضها قوات الإحتلال الصهيوني على وصول المساعدات الإنسانية.
واعتبر صور أزيد من 1200 شاحنة للمساعدات الإنسانية مصطفة على الجانب المصري من الحدود الفلسطينية، تؤكد تلك العوائق البيروقراطية والإجراءات الإدارية المعقدة.
وأشار بن جامع، إلى أن دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة أصبح مرتبطا بالضغوطات الدولية وبرغبات المحتل الصهيوني للأسف. مشددا على ضرورة اتخاذ إجراءات مستعجلة لإدخال المساعدات الإنسانية للقطاع، “لأنه دون اتخاذ إجراءات ملحة وعاجلة سيشهد العالم كارثة إنسانية ستخلد في الصفحات القاتمة للتاريخ”.
كما رافع بن جامع من اجل دعم عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “أونروا” التي لا زال توزيع المساعدات الإنسانية يشكل مصدر قلق كبير بالنسبة لها، كونها العمود الفقري للعمل الإنساني في غزة، ولكنها غير قادرة على العمل في جميع أنحاء القطاع.
واعتبر أنه “من غير المقبول أنه، حتى بعد تقرير مكتب خدمات الرقابة الداخلية وتقرير كولونا، لا تزال الأونروا تتعرض للهجمات”، ليؤكد بأنه لا يمكن الاستغناء عن هذه المنظمة الانسانية، “وقد ثبت أن اختيار المنظمات غير الحكومية لتولي مهامها غير فعال”.
وقال بن جامع مخاطبا أعضاء مجلس الأمن، “بينما نناقش عدد الشاحنات التي تدخل غزة، وكيفية إجبار المحتل الإسرائيلي على احترام التزاماته بموجب القانون الإنساني الدولي، فإن شعب غزة يموت جوعا”، متأسفا لكون “بعض التقارير وثقت أن أوراق الشجر أصبحت سلعة، ليس للماشية، بل ليتغذى عليها الناس في غزة..”.
الولايات المتحدة الامريكية تدعو الكيان الصهيوني لفتح المعابر
أما الولايات المتحدة فدعت بدورها الكيان الصهيوني إلى فتح معبر رفح والمعابر الأخرى، وتسهيل دخول المساعدات إلى قطاع غزة.
إلا أن واشنطن كررت أمام مجلس الأمن، تحميل حركة “حماس” مسؤولية استمرار المعاناة الإنسانية للفلسطينيين في قطاع غزة، وفق زعمها.
فقالت ستيفاني سوليفان نائبة المندوبة الأميركية في الأمم المتحدة: “بينما نواصل الضغط على الاحتلال الصهيوني لتحسين دخول المساعدات فإننا نعلم أن أفضل طريقة لمعالجة الأزمة هي أن تقبل حماس مقترح وقف إطلاق النار، الذي دعمه هذا المجلس”، وفق تعبيرها.
وقد دعا أعضاء مجلس الأمن في بياناتهم إلى تطبيق قرارات المجلس المتعلقة بغزة، إنما دون التوصل الى توافق بشأن الخطوات التالية.
بلال عمام
مناقشة حول هذا المقال