ان قطاع الاعلام و الصحافة من المجالات المهمة في أي دولة، فهو من المجالات التي تستطيع ان تصنع رأي وطني ودولي او تؤثر فيه ، لهذا فإن تنظيم الإعلام و الاتصال ووضعه في اطاره الصحيح من المتطلبات المهمة، ففي الجزائر يدور الحديث والنقاش هذه الأيام عن مشروع قانون الصحافة المكتوبة و الالكترونية والسمعي البصري في عديد الفضاءات وفي غرفتي البرلمان.
من اجل مناقشة هذا الموضوع كان لنا حديث مع مجموعة من الأساتذة و الاكاديميين الذين ابدو تصورهم عن الوضع الإعلامي و مختلف الرهانات والتحديات التي تواجهه.
الدكتور مصطفى بورزامة ”القانون سيكون اللبنة الأساسية”
أشار الدكتور مصطفى بورزامة، ان قانون الصحافة المكتوبة و الالكترونية هو قانون يجب التركيز عليه خاصة في جزئية الصحافة الالكترونية التي اخذت اليوم حيزا كبيرا في المجتمع الجزائري لإنه يتعامل مع شبكات التواصل الاجتماعي، و مع عدة مواقع الكترونية يستقي منها الاخبار، و أضاف ذات المتحدث ” هنالك إن صح القول تهافت كبير من الصحفيين و كذلك من رؤساء الجرائد المكتوبة الى الذهاب الى الجرائد الالكترونية ، وهذا يستوجب منا الوقوف وقفة حقيقة لوضع قوانين يمكن ان تنظم هذا الجانب المهم جدا، و كذلك جانب اخر الجمهور فاليوم يستطيع ان يكون قائم بالاتصال و ان يعطي المعلومة خاصة في سياق مواقع التواصل الاجتماعي، و اظن ان هذا القانون سيكون اللبنة الأساسية لوضع اطار قانوني و كذلك توضيح ما هو واجب و ما هو حق في هذا المجال الذي يتطور بشكل ديناميكي سريع، و يجب الاستشراف في هذه القوانين ، ووضع قوانين تكون له مدة من الزمن لكي تستطيع ان تواكب هذا التطور.
الاكاديمي سمير عرجون ”ما ينبغي هو تطبيق هذه القوانين و ابعاد الجانب الإداري على تسير ميدان الصحافة”
أكد الاكاديمي سمير عرجون الأستاذ بالمدرسة العليا للصحافة و علوم الاعلام ”ان قوانين الاعلام الحالية في الجزائر بصفة عامة هي ملائمة لوضع الصحافة المكتوبة و الالكترونية، ولكن الامر و الحلقة التي تحتاج الاهتمام هو التطبيق ميدانيا و ان نبعد الجانب الإداري على تسيير ميدان الصحافة في الجزائر.
” لا يوجد اعلام بديل لآخر و لكن كل وسيلة إعلامية تُكمل الوسيلة الإعلامية التي تظهر بعدها”
أضاف الأستاذ عرجون مؤكدا ”في ميدان الاعلام لا يوجد اعلام بديل لآخر و لكن كل وسيلة إعلامية تكمل الوسيلة الإعلامية التي تظهر بعدها و الامر الذي ينشئ هو التكامل و مسار واحد الذي يجمع وسائل الاعلام الذين يملكون هدف واحد وهو اشباع الجمهور من جانب المادة الإعلامية ، و لابد ان نعرف ان كل وسيلة اعلام لديها جمهورها ، و قد يكون هذا الجمهور متداخل او مختلف و هذا هو الامر الذي يجعلنا نقول ان هنالك تكامل بين وسائل الاعلام و اليوم نحن في عصر تداخل وسائل الاعلام و لا يمكن فصل او تحديد الجمهور لوسيلة إعلامية واحدة فقط.
” لا يجب الافراط في الصحافة الالكترونية ولا التفريط في الصحافة المكتوبة”
كما قال الأستاذ مصطفى بورزامة ” اظن ان هنالك جدلية يجب الحديث عليها، و هي الصحافة المكتوبة و الصحافة الالكترونية فهنالك تراجع كبير في الصحافة المكتوبة في الجزائر بعد ظهور الصحافة الالكترونية و تعامل الجمهور معها ،خاصة في تحميل التطبيقات لجرائد الكترونية و كذلك المواقع ، و اظن ان حتى الصحافة المكتوبة لا يجب ان نتركها تزول و لابد من تدعيمها بجوانب اخرى، يعني لا يكون هناك افراط في الصحافة الالكترونية ولا تفريط في الصحافة المكتوبة التي من خلالها نؤسس الصحفيين الذين يمتلكون قلم تحريري ، ومن جهة أخرى لابد ان يكون تدعيم للصحافة الالكترونية ، و يجب الوقوف عليها و الذهاب الى تكوين الصحفيين في هذا المجال و توعيتهم بالمسؤولية الكبيرة التي على عاتقهم
”لابد ان نضع لشبكات التواصل الاجتماعي حيز قانوني بدون المساس بحرية التعبير ”
وفي هذا السياق اعتبر الدكتور بورزامة لابد ان نضع لهذه الشبكات حيز قانوني لكي لا تتداخل حرية الشخص على شخصيات الافراد ، و ان الامر لابد ان يضبط عن طريق قوانين، بدون المساس بحرية التعبير التي من خلالها نطور هذه الشبكات و نجعل منها حقل لدراسة الباحثين و الطلبة، و نحن كأساتذة نجعل منه مجال نستطيع ان نجرى من خلال دراسات اجتماعية و نفسية وإعلامية و اتصالية و قانونية.
“لا يمكن ان نتكلم عن مواقع التواصل الاجتماعي من الجانب الإعلامي و تبقى له عدة نقائص كبيرة و مادتها ليست مادة إعلامية محترفة
قال الأستاذ عرجون ” ان مواقع التواصل الاجتماعي تملك دورا فعالا و مهما من حيث انتاج و بث المعلومات ،و لكنها تبقى مادة سطحية لا تملك العمق ولا تصلح لتكون المادة الأساسية و العنوان الرئيسي لإيصال المادة الإعلامية ، و هي فقط تُكمل المواقع الإعلامية الرسمية التي يتواجد على مستواه الصحفيين و الوسائل الاعلام التقليدية، كما انه لا يمكن ان نتكلم عن مواقع التواصل الاجتماعي من الجانب الإعلامي، و تبقى له عدة نقائص كبيرة و هي ان هذه المادة التي تقدمها ليست مادة إعلامية محترفة.
“وسائل الاعلام هي الواجهة و لابد من الاهتمام بها”
و اكد الأستاذ عرجون في سياق الرهانات الاستراتيجية للإعلام الوطني ، وكذا كيفية بناء اعلام وطني يوجه الرأي العام في الداخل و يؤثر في الخارج حيث قال ” وسائل الاعلام لديها بعد استراتيجي مهم و نحن نرى ان وسائل الاعلام هي الناطق الرسمي و هي الواجهة الاولى لبعض البلدان ، و بالتالي لابد الاهتمام بها و إعطائها الأهمية و الإمكانات ، و هو امر مهم بالنسبة لنا من اجل ان توجه و تحافظ على الراي العام داخليا و بالتالي رأي عام متجانس و قوي داخليا هو الذي يؤدي الى انتاج رسالة اكثر مرونة و قوة و ما يؤدي بالرسالة الى التأثير خارجيا.
”يجب ان نرتقى بهذه القنوات و بالأعلام الوطني الى معالم أخرى و نرفع مستوى الصحفيين و الاهتمام اكثر بالحياة العملية و الجانب المهني ”
هذا و أشار الأستاذ بورزامة حول إشكالية الرهانات الاستراتيجية للإعلام الوطني في هذه المرحلة قائلا ” لا بد من وضع استراتيجية واضحة المعالم ، و ان نشرك جميع الفاعلين في هذا المجال من اعلام عمومي و خاص ، كما قال ” اظن ان هذه المرحلة هي مرحلة انشاء اعلام يكون بين طياته خدمة عمومية و هدف واحد، و هو الحفاظ على الوحدة الوطنية و الحفاظ على المال العام من خلال كشف الفساد بكل انواعه، و يجب ان نرتقى بهذه القنوات و بالأعلام الوطني الى معالم أخرى و نرفع مستوى الصحفيين ، و الاهتمام اكثر بالحياة العملية و الجانب المهني الذي يجب ان نوفره لصحفي ، اين يمكن للصحفي ان يشكل لنا الرأي الذي من خلاله نشكل الرأي العام و نحافظ على الوحدة الوطنية و الامن القومي للبلد ، فيما يخص خارجيا يجب البحث عن إطارات في الاعلام التي لها رؤية و لها ابعاد عالمية الذي من خلاله سوف ننافس قنوات و ننافس اعلام له تجربة و تقنيات متطورة جدا ، و نستطيع نحن كجزائريين ان ننشئ قنوات دولية و عالمية من خلال الاستعانة ببعض التجارب و بعض الإطارات التي تكونت في الاعلام العمومي و الخاص ،كما لابدا ان نعطيه استراتيجية و البعد العالمي.
سادات يمينة
مناقشة حول هذا المقال