صحيح الكل يعرف معنى الكلعة الحلوة التي يحبها الكثيرون من الأطفال و حتى الشباب، لكن هل تسائل احد كيف تم صناعتها و ما هو تاريخها و مادتها التي تركبة من اصلها .
القصة بدأت من أمريكا في عصر الصناعة حينما كان الطلب متزايد على مادة المطاط لربط تروس الآلات ولتغطية العجلات، بعد ان استطاع الأمريكيين السفر من ساحل الى اخر عن طريق خطوط السكة الحديدة ، في تلك الفترات من القرن الـ19 كانت أشجار المطاط تنمو في جنوب القارة، واستيراده من الخارج يكلف ثمنا باهظا، فظهرت محاولات مستميتة لإيجاد بدائل.
“توماس آدمز” هذا الشخص ، رائد الأعمال في نيويورك الذي كان قد استثمر كثيرا في إيجاد صيغ جديدة لصناعة المطاط، فستطاع ان يصل الى مادة تسمى “تشيكيل”، من شجرة “سبوتيل” الموجودة في غواتيمالا والمكسيك، هذه المادة التي تستخرج من تحت اللحاء ويتمتع بدرجة عالية من المرونة،
عالج آدمز “تشيكيل” على درجات متفاوتة من الحرارة واستخدم مركبات كيميائية مختلفة، حاول تصنيع عجلات وأحذية من هذه المادة، وكان يعرف أنه يملك مادة مفيدة وذات قيمة هامة، ولكنه لم يعرف كيف يصل اليها .
الفكرة و الانطلاقة في التسويق … وظهور المنافس القوي
بعد عدة تجارب على مادة ” التشيكيل” ادرك للحظة “توماس آدمز” أن هذه المادة يمكن تسويقها على شكل علكة للمضغ، و هذا في الوقت الذي كانت الناس في القرن الـ19 يستخدمون مواد لاصقة ، كانوا يمضغونها مثل العلكة، ولكن لاستخدامات علاجية معينة، فقدماء الإغريق كانوا يمضغون صمغا من شجرة الميستكا لتنظيف أسنانهم، وقدماء الأوروبيين يمضغون قطران الباتيلا لتسكين التهاب الحلق،
في ذاك السياق الملهم جاءته الفكرة “توماس ادمز” فطلب من ابنه ان يغلي المادة و يتم تنقيتها فتم التوصل حينها الى مادة المنتج الجديد المتميز بمرونة مطاطية مضغها يولد شعور الرضا ، و حينما كان على آدمز إيجاد وسيلة لتسويق منتجه الذي لم يسمع به الأمريكيون قط، بدأ “توماس آدمز” يعمل على إضافة نكهة تعطي الجاذبية لمنتجه، وكان يجرب نكهات عدة، فبدأ بالليمون وانتهى بعرق السوس الأسود ، و في الأخير نجح آدمز في استخدام مادة تشيكل، وسمّى منتجه الجديد “بلاك جاك”.
ظهر ريغلي الرجل المنافس لتوماس الذي حاول بكل ما يملك ان يسيطر على السوق ، في شيكاغو كان “وليام ريغلي” يبحث عن النجاح في أي منتج يمكن أن يحقق له أرباحا كبيرة، ووجد ضالته في المادة التي اكتشفها آدمز من قبله، وهي التشيكيل، فقرر تغيير مسار منتجاته من الصابون إلى العلكة، وعقد صفقة مع شركة “زينو” التي تصنع له علكة البرافين لتغيير المادة الخام إلى تشيكل، وأبقى لنفسه اختيار النكهة التي ستميزه عن غيره، فاتجه إلى تجربة نكهة “النعناع البري”، وأنتج أول علبة من علكة “ريغليز” بنكهة النعناع البري. ثم أتبعها بنكهة “جوسي فروت”، التي سينافس بها “توتي فروتي” علكة غريمه “آدمز”.
بهذه الاستراتيجية حاول ريغلي اعتماد كل الطرق من اجل التسويق لهذا لجأ إلى إغراق السوق بإعلانات لمنتجاته، وأنفق بسخاء على الدعاية، وخلال عقد من الزمن ارتفعت مبيعاته إلى 100 ألف دولار، أي ما يعادل أكثر من 3 ملايين دولار هذه الأيام، بعدها عام 1902 لجأ ريغلي إلى محاولة فرض منتجه كعلامة وطنية للعلكة في السوق الأمريكي، والسبيل إلى ذلك هو معركة إعلامية فاصله، حتى وصل معدل إنفاقه في 1907 إلى ما يعادل 84 مليون دولار. تجاوز ريغلي هذه الطريقة الى طريقة مجنونة من اجل ان يكون الأول في السوق خاصة بعد صدور منتج “تشيكلتس” الذي كان ضربة موجعة أثقلت كاهل “ريغلي”، وكان عليه أن يرد بطريقة غير مسبوقة، فقرر ان يوزع عينات مجانية على كل المواطنين الموجودة أسماؤهم في دليل الهاتف، بل ويرسل الهدايا لكل طفل يحتفل بعيد ميلاده، لقد وصلت منتجاته بالفعل إلى كل منزل تقريبا، واستطاع بهذه الطريقة أن يهيمن على السوق مرة أخرى، بل ويصبح أثرى رجل في أمريكا.
عالم الأهداف / يمينة سادات
مناقشة حول هذا المقال