تتواصل معاناة الشعيب الفلسطيني الصامد أمام وحشية الكيان الصهيوني الذي يسعى لإبادة قطاع غزة بالكامل من خلال قصفه وقتله وتجويعه للأبرياء من المدنيين لليوم ال 234 على التوالي، ورغم أمر محكمة العدل الدولية الكيان الصهيوني قبل يومين بوقف هجومها على رفح، فقد ارتكب الاحتلال مجزرة جديدة في رفح راح ضحيتها عشرات الشهداء والمصابين.
ومنذ بدء العدوان على غزة، عمل الكيان الصهيوني على توجيه الفلسطينيين إلى مناطق يصنفها آمنة لكن النازحين لا يسلمون من القصف والتجويع في القطاع الذي لم يعد فيه أي مكان آمن بإقرار الأمم المتحدة نفسها.
ولاقت المجزرة الجديدة في رفح إدانات فلسطينية واسعة، بينما زعم جيش الاحتلال الصهيوني أنه قصف مجمعاً لحماس في رفح. وفي حين نبهت وزارة الصحة في غزة إلى أنه “لم يسبق أن تم في التاريخ تحشيد هذا الكم الكبير من أدوات القتل الجماعي وتوظيفها مجتمعة أمام ناظري العالم كما يحدث الآن في غزة”، وشدد المكتب الإعلامي الحكومي على أن الاحتلال استهدف أكثر من 10 مراكز لإيواء النازحين خلال الساعات الماضية، مخلفاً أكثر من 190 شهيداً.
وتأتي هذه المجزرة لتفاقم حصيلة حرب غزة المستمرة منذ 7 أكتوبر الماضي، مخلّفة 35984 شهيداً و80643 مصابا ودمارا هائلا في البنية التحتية، وأوضاعا إنسانية في غاية الصعوبة.
ادانات عربية وغربية ل”محرقة الخيام” في رفح
هذا وخلفت المجزرة التي ارتكبها الكيان الصهيوني في رفح والتي أطلق عليها اسم “محرقة الخيام” في إشارة الى العديد الكبير من الخيام التي احترقت جراء القصف الهمجي التي تعرضت له مخلفة أعدادا هائلة من الشهداء والجرحى الذين لم يتمكنوا من تلقي الرعاية الصحية اللازمة جراء خروج معظم مستشفيات القطاع عن الخدمة، خلفت ردود أفعال عربية وغربية أدانت بأشد العبارات استهداف المدنيين من طرف الكيان الصهيوني الغاشم.
مصر تصف مجزرة رفح بالمتعمدة
هذا ودانت مصر، الاثنين، “بأشد العبارات”، مجزرة رفح ووصفت القصف الصهيوني على خيام النازحين بـ”المتعمد”، معتبرة قصف مخيمات النازحين “انتهاكا جديدا وصارخا للقانون الدولي الانساني واتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية المدنيين في وقت الحرب”.
وطالبت مصر مجددا، وفق البيان، إسرائيل “بالامتثال لالتزاماتها القانونية بصفتها قوة قائمة بالاحتلال، وتنفيذ التدابير الصادرة عن محكمة العدل الدولية بشأن الوقف الفوري للعمليات العسكرية وأية إجراءات أخرى بمدينة رفح الفلسطينية”.
وطالب البيان “مجلس الأمن، والأطراف الدولية المؤثرة بضرورة التدخل الفوري لضمان الوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة، وإنهاء العمليات العسكرية في مدينة رفح الفلسطينية”، مشددا على “حتمية اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤوليته القانونية والإنسانية تجاه توفير الحماية للمدنيين الفلسطينيين، ومنع تعريضهم لمخاطر تهدد حياتهم”.
السعودية تستنكر استهداف الكيان الصهيوني للمدنيين
وأعربت وزارة الخارجية السعودية عن إدانة المملكة و”استنكارها بأشد العبارات استمرار مجازر قوات الاحتلال الاسرائيلي، ومواصلتها استهداف المدنيين العزل في قطاع غزة”، كما أكدت الوزارة في بيانها رفضها القاطع لاستمرار الاحتلال في انتهاك القوانين الدولية.
قطر تدين قصف خيام النازحين
من جهتها، أدانت دولة قطر بأشد العبارات القصف الصهيوني الذي استهدف مخيما للنازحين في رفح، وعدته “انتهاكا خطيرا للقوانين الدولية من شأنه أن يضاعف الأزمة الإنسانية المتفاقمة في القطاع المحاصر”، داعية المجتمع الدولي إلى تحرك عاجل للحيلولة دون ارتكاب جريمة إبادة جماعية، وإلى توفير الحماية التامة للمدنيين، ومنع قوات الاحتلال من تنفيذ مخططاتها الرامية لإجبارهم على النزوح القسري من المدينة التي أصبحت ملاذا أخيرا لمئات الآلاف من النازحين داخل القطاع.
وأكدت وزارة الخارجية القطرية في بيان الى ضرورة التزام السلطات الصهيونية بقرار محكمة العدل الدولية الداعي لوقف الهجمات العسكرية على رفح، معربة عن قلق دولة قطر من أن يعقد القصف جهود الوساطة الجارية، ويعيق التوصل إلى اتفاق لوقف فوري ودائم لإطلاق النار وتبادل للأسرى والمحتجزين.
وجددت الخارجية القطرية التأكيد على موقف دولة قطر الثابت من عدالة القضية الفلسطينية، والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
الكويت والأردن تدعوان الى محاسبة الاحتلال على جرائمه
وزارة الخارجية الكويتية بدورها أعربت عن إدانة واستنكار دولة الكويت مجزرة رفح، وأكدت أن “ما تقوم به القوة القائمة بالاحتلال ضد العُزّل من الفلسطينيين يكشف وبشكل جلي ارتكابها، وأمام العالم أجمع، إبادة جماعية غير مسبوقة وجرائم حرب صارخة تستدعي تدخل فوري وحازم من المجتمع الدولي لإلزام تلك القوات بالانصياع لكافة قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وفي مقدّمتها قرار محكمة العدل الدولية الواضح والصريح بضرورة وقف استهداف مدينة رفح، وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني”.
ومن جهة أخرى، أدان الأردن المجزرة داعيا إلى محاسبة المسؤولين عن ذلك، وقال بيان للخارجية الأردنية إن الكيان الصهيوني مستمر في “جرائم الحرب البشعة في قطاع غزة، وآخرها قصف مخيم للنازحين قرب مقر لوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) غرب رفح”، واعتبرت أن ذلك “تحد صارخ لقرارات محكمة العدل الدولية وانتهاك جسيم للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني”.
وأكدت “إدانة المملكة واستنكارها المطلق لهذه الأفعال والجرائم”، مشددة على أن هذه الممارسات تمثل “انتهاكا صارخا لقواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وتتنافى مع كافة القيم الإنسانية والأخلاقية، وتمثل جرائم حرب على المجتمع الدولي بأكمله التصدي لها ومحاسبة المسؤولين عنها”.
إسبانيا، النرويج وأيرلندا ينددون بمجزرة رفح
من جانبه، ندد وزير خارجية إسبانيا “باعتداء الكيان الصهيوني على مخيم نازحين في رفح حيث مات أبرياء وأطفال في انتهاك لأمر محكمة العدل الدولية”.
وقال خوسيه مانويل ألباريس، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيريه الأيرلندي والنرويجي، الاثنين، في العاصمة البلجيكية بروكسل، إن “قصف مدينة رفح حدث بعد قرار محكمة العدل الدولية، ما يستدعي رفع صوتنا لدعم القانون الدولي، وسأطلب من الوزراء الأوروبيين الآخرين دعم عمل المحكمة”، مشيرا إلى أن الدول الثلاث ستعلن رسميا، الثلاثاء، الاعتراف بدولة فلسطين.
من جانبه، قال وزير الخارجية النرويجي إسبن بارث إيدي إن “ما شاهدناه بالأمس (مجزرة رفح) همجي، ولا يمكن قصف منطقة مكتظة دون إصابة المدنيين والأطفال”، مطالبا الكيان الصهيوني بوقف اجتياح رفح، وقال إن مواصلة الإحتلال الحرب في رفح انتهاك للقانون الإنساني الدولي، داعيا مجلس الأمن إلى تطبيق قرار محكمة العدل الدولية.
وبالمثل، دان وزير الخارجية الأيرلندي مايكل مارتن “الاعتداء الذي حدث أمس على مخيم للاجئين بمدينة رفح، معتبرا أنه “انتهاك لقرار محكمة العدل الدولية”.
إيطاليا “الهجمات الصهيونية على المدنيين الفلسطينيين لم تعد مبررة”
من جهتها، قالت إيطاليا، الاثنين، إن الهجمات الصهيونيةعلى مدنيين فلسطينيين في غزة “لم تعد مبررة”، وذلك في أحد أقوى انتقادات روما حتى الآن للحرب على غزة، وفقا لوكالة رويترز.
وقال وزير الدفاع الإيطالي جويدو كروزيتو، في تصريحات متلفزة بعد ساعات من مجزرة رفح: “الوضع يزداد صعوبة، إذ يجري الضغط على الشعب الفلسطيني دون مراعاة لحقوق الرجال والنساء والأطفال الأبرياء الذين لا علاقة لهم بحماس، وهذا لم يعد من الممكن تبريره… نحن نراقب الوضع بيأس”، وأضاف أن أنه “لا بد من التفرقة بين حماس والشعب الفلسطيني”، على حد قوله.
بلال عمام
مناقشة حول هذا المقال