يَعرفُ التراث المعماري في الجزائر ثراء وتنوعا كبيرين ، فالجزائر بعمقها التاريخي والحضاري يمثل فيها العمران واجهة ثقافية بامتياز، تتميز فيها كل ولاية بطابعها المعماري المتميز بأصالته وحداثته في آن واحد.
في هذا السياق و في إطار الحديث عن التراث المعماري جمعنا حوار مع الشاب بن مبارك رضون المهندس المعماري المتخصص في الهندسة المعمارية البيومناخية، المتخرج من معهد الهندسة المعمارية و العمران بجامعة البليدة، و صانع المحتوى في مجال التراث المعماري الجزائري، الذي حدثنا عن تجربته في هذا المجال الذي ينشر فيه محتويات متنوعة تعكس الثراء الوطني وتبرز مختلف الاشكال والطبوع المعمارية من مدينة لأخرى ومن موقع لآخر، كل هذا وغيره تجدونه في ثنايا هذا الحوار:
كيف كانت بدايتك في صناعة المحتوي و لماذا اخترت تخصص التراث المعماري ؟
”بداياتي في مواقع التواصل الاجتماعي كانت في أفريل 2020 على الفايسبوك أين بدأت بتقديم محتوى خاص بالهندسة المعمارية و ذلك عن طريق بث مباشر مع دكاترة، أين كنا نحلل و نناقش بعض مشكلات و إشكاليات مجال العمارة في الجزائر، حيث خلقنا جوا و فضاء لتبادل الآراء و تقديم إضافات لهذا المجال المهم و الواسع جدا، و بعدها في أوت 2023 بدأت على الانستغرام و ذلك تكملة لما قمت به على الفايسبوك و لكن بمحتوى جديد خاص بالتراث المعماري الجزائري”، و بالنسبة لنشر الفيديوهات أقوم ”بأبحاث معمقة لأنها مسؤولية كبيرة وضعتها على عاتقي و لا مجال للخطأ فيها، و بعد هذه البحوث أقوم بتحضير script من كلماتي و بطريقة دقيقة جدا حتى أشد المتابعين لهذا المجال، و في نفس الوقت لنشر هذه الثقافة، كما قمت أيضا بوضع الترجمة باللغة الإنجليزية حتى يتسنى للجمهور غير الجزائري فهم هذا التراث المعماري.”
و فيما يخص ”سبب اختياري للتراث المعماري الجزائري كمحتوى، نظرا لواقع الاحتكاك الكبير مع جيراننا، و أصبحنا نرى سرقات لكل ما هو تراث جزائري، و ذلك بسبب تغييب هذا الإرث و عدم إظهاره، لهذا قررت أن أعمل سلسلة أظهر فيها التراث المعماري الجزائري أو كما أحب أن أطلق عليه تسمية الكنوز المعمارية الجزائرية .”
كيف ترى هذا التخصص الذي تنشط فيه من حيث استقطاب الناس و الجمهور؟
“فيما يخص استقطاب الناس و الجمهور لم يكن بالأمر السهل و الهين صراحة، لكن هنا كان التحدي و ذلك إيمانا مني بأن نظهر هذا المجال و نجد طريقة مناسبة، بالتقديم و الإلقاء و اختيار المواضيع حتى يتعود عليها الجمهور، و الحمد لله، اليوم وصلنا أكثر من 25 ألف شخص يتابع المعماري ( كما أعرف على مواقع التواصل الاجتماعي)و بنسبة مشاهدة تفوق المليون والحمد لله.”
هل تعتبر صناعة المحتوى في هذا المجال يتطلب شروطا محددة؟
”صناعة المحتوى الهادف أو الحامل لرسالة في أي مجال ليس بالأمر السهل، و من الواجب أن يتحلى صانع المحتوى بروح المسؤولية لأنه كما نقول دائما سيذهب الصانع و يبقى المحتوى” و هذا بكوني صانع محتوى عمارة الذي يدخل في المحتوى التوعوي الثقافي، و ربما حتى في خانة المحتوى السياحي بحكم ان المعالم الأثرية الجزائرية إذا سلطنا عليها الضوء ستفتح كثير من أبواب السياحة الأثرية في الجزائر و هذا ما نصبوا إليه”.
طوال تجربتك في صناعة هذا المحتوى ماذا تستطيع القول؟
أستطيع القول ان تراثنا المعماري كله متميز، فنحن البلد القارة و بلد الثقافات المختلفة، و هذا مالا تجديه في بلدان أخرى، و بالأحرى هذا أكبر كنز تمتلكه الجزائر، الطابع المعماري في الشرق ليس مشابها للغرب و لا يشبه وسط البلاد، و المعمار الصحراوي مختلف تماما على ما ذكرنا، لهذا سميتها كنوز معمارية جزائرية بامتياز، و في طريقي لتحضير هذا المحتوى لا إراديا وجدت نفسي أتطور يوما بعد يوم و يزيد خيالي المعماري يوم بعد يوم، و هذا الأمر ساعدني كثيرا في المشاريع التي أقوم بها حاليا فيما يخص التصميم الداخلي للمنازل الجزائرية و حتى الفنادق و النزل.”
كيف ترى آفاق تخصصك في التراث المعماري الجزائري؟
”أعي و أعلم جيدا أن تطوير هذا المجال ليس بالأمر الهين لكنني كلي ثقة بأنه ليس مستحيلا، و بتظافر الجهود سنصل به إلى أبعد الحدود و ذلك بمرافقة وزارة الثقافة و حسب ما التمست، وزيرة الثقافة لها إرادة قوية للنهوض بهذا المجال و إعطاءه الأولوية و الأهمية اللازمة و أظهرت ذلك في العديد من المرات، و هذا أمر جميل و أقول لها من هذا المنبر نحن على استعداد لتقديم أي إضافة لهذا المجال حبا في الجزائر و حبا في التراث المعماري الجزائري.
حاورته يمينة سادات
مناقشة حول هذا المقال