تشهد الجزائر، كغيرها من الدول، تحولًا اقتصاديًا واجتماعيًا وتكنولوجيًا متسارعًا، يتطلب من الشباب أن يكونوا السائقين الرئيسيين للتغيير. ومع هذه التحولات أصبحت ريادة الأعمال أحد السُبُل الرئيسية لتحقيق التنمية المستدامة وتوفير فرص العمل.
إن المشهد الاقتصادي يستند إلى دور حيوي للشباب، وذلك في ظل تحولات متسارعة نحو اقتصاد المعرفة والتكنولوجيا. حيث يعتبر مصدرًا غنيًا بالطاقة والإبداع، مما يفتح أفقًا واسعًا لاستكشاف فرص جديدة في ميدان ريادة الأعمال والابتكار.
وتعوّل الحكومة على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في برنامج الإنعاش الاقتصادي. وهي جزء من خطة متكاملة للتخلص من التبعية للمحروقات وتنويع الاقتصاد وترقية الصادرات غير النفطية. وقد أقرت عدة إجراءات لتسهيل إنشاء المؤسسات الناشئة وخلق بيئة مناسبة لتطورها. تضمنتها ترسانة قانونية، على غرار قانون الاستثمار وقانون المقاول الذاتي. بالإضافة إلى الاطلاق الرسمي لـ الوكالة الوطنية للمقاول الذاتي. وكذا المنصة الرقمية الخاصة بالحصول على بطاقة المقاول الذاتي.
رضا زواش -مدير حاضنة الأعمال جامعة المسيلة-
تحفيز روح الابتكار لدى الشباب لبناء مؤسسات مستدامة ومجتمع مزدهر
كشف رضا زواش، مدير حاضنة الأعمال جامعة المسيلة، أن الخدمات التي تقدمها حاضنة الأعمال، تتمثل في عدة محاور أولها هو التحسيس وتوعية الشباب خاصة الطلبة الجامعيين من أجل إنشاء مؤسسات والانتقال من التفكير في الوظيفة إلى التفكير نحو خلق مؤسسات من شأنها أن تلبي احتياجات المجتمع وتقوم بحل بعض مشاكله.
وأوضح مدير الحاضنة، لـ “عالم الأهداف“، أن المحور الثاني يتمثل في تدريب الطلبة حول كيفية بلورة مشاريعهم؛ مؤكدًا أن عمل الحاضنة ليس كعمل دور المقاولاتية العادية وإنما يرتكز أساسا على خلق مؤسسات تقوم على الإبتكار وتستخدم التكنولوجيا وتسعى إلى تحقيق معدلات نمو عالية جدا وتساهم في حل المشاكل التي يعاني منها المجتمع بشكل غير تقليدي.
وتـابـع زواش:
“نركز في الخدمات التي نقدمها على الدورات التدريبية المتخصصة والعامة، ناهيك أنه في الحاضنة نشتغل على ما يسمى بتكوين شبكة علاقات داخلية قوية من أجل تكوين فرق عمل من شأنها أن تساهم في تسهيل عملية إنشاء المؤسسات”.
فيما يخص تشجيع الابتكار والجانب الريادي للطلبة خصوصا –يضيف المدير– نشتغل على توفير بيئة العمل المساعدة والمشجعة وتسهيل عملية إنشاء النماذج الأولية من خلال المخابر التصنيع الموجودة على مستوى الحاضنة والجامعة. بالإضافة إلى فرق التكوين التي تحتوي على مجالات متعددة وأساتذة متخصصين يساهمون في بلورة الأفكار الخاصة بالطلبة في شكل نماذج من شأنها أن تصل إلى شرح وتقديم تلك المؤسسات التي يسعون إلى إنشائها.
كما كشف المتحدث ذاته، أن الحاضنة تدعم الشباب في بناء علاقات قوية مع رجال الأعمال والمستثمرين، عن طريق عدة أليات وتقنيات؛ أهمها ما يسمى بـ “مقاهي الأعمال“؛ أين تستضيف الحاضنة عدد من الشركاء الاقتصاديين. بمشاركة الفاعلين من الأسرة الجامعية خاصة الطلبة المبتكرين والمبدعين وكذلك الأساتذة الذين يشتغلون على نفس المواضيع؛ والهدف هو الاستماع إلى مشاكل تلك الفئة من رجال الأعمال ومحاولة تقديم حلول لهم.
وتابع زواش:
“وهناك زيارات ميدانية إلى بعض المؤسسات الاقتصادية لربط العلاقات والوقوف على المشاكل التي تعاني منها تلك المؤسسات. إضافة إلى أنه في بعض الأحيان يكون هناك جلسات من أجل الاستمتاع إلى عروض الطلبة وحلولهم الإبتكارية ومحاولة ربط العلاقة مع المستثمرين الذين يمكنهم إدخال تلك المنتجات وتلك المؤسسات الناشئة إلى الأسواق”.
أما بالنسبة للتشاركية بين الشباب والمجتمع؛ فقد كشف مدير الحاضنة؛ أن أهم الأدوات التي يركزون عليها، تفعيل أدوار النوادي العلمية والطلابية داخل الجامعات من أجل تحقيق الأهداف المجتمعية، قائلًا: “كما تعلمون كل المشاريع التي تشتغل عليها الطلبة لديها أبعاد، ومن أهم أبعادها البعد الاجتماعي الذي يسعى من خلال تلك المؤسسات لتقديم حلول تساعد المجتمع وتلبي حاجيات الأسواق”.
إدريس مجيدي -مطور برمجيات وتطبيقات رقمية-
تحديات وفرص تُشجِع على التفكير الريادي وتحول الأفكار إلى حلول رقمية مبتكرة
أعرب إدريس مجيدي، مطور برمجيات وتطبيقات رقمية، المتحصل على 5 لابل مشروع مبتكر ولابل شركة ناشئة من وزارة الشركات الناشئة، كما قام برقمنة 3 وزارات على غرار وزارة الفلاحة التي كرمه عليها رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، وكذا وزارة السياحة والمجاهدين. أن شركته تبحث عن الحلول الرقمية وتجسدها في أرض الواقع حيث أنها تسهل التعامل مع الشعب، وقد حث رئيس الجمهورية على إدخال الشباب واعطائهم الفرصة والمجال للابتكار واقتراح حلول للمؤسسات والوزارات.
وكشف خريج جامعة المسيلة لـ “عالم الأهداف“. أن أصعب التحديات التي واجهتهم عند بداية المشاريع كانت تتمثل في الأطر القانونية، قائلًا:
“الحمد لله القوانين بدأت تتغير في صالحنا إن شاء الله ونحن في سير مستمر”
مؤكدا أنه من بين التحديات التي واجهتهم أيضا الدعم المالي في تطبيق أفكار الشباب.
أما المبادرات التي نقدمها –يضيف مجيدي– لدعم وتطوير مهارات الشباب في مجال الابتكار والريادة. تتمثل في إلقاء محاضرات بتأطير مدير الحاضنة ومدير الجامعة دائما. بالإضافة إلى تنظيم دورات تدريبية وتثقيفية التي توجه الطلبة. وتساعدهم في طرح أفكارهم ومناقشتها وتحفيزهم لخلق مؤسسات ناشئة.
وأضاف المتحدث ذاته، “الحلول المبتكرة التي نقدمها تعزز بيئة الريادية المستدامة داخل المجتمع. بحيث أنها تقتحم المجالات وذلك الاقتحام دائما ما يؤدي إلى ازدحام الممر. حيث يبدي الشباب أفكارهم ويفتح الطريق لغيره لتطوير النقائص”.
وتابع:
(كما قال البروفيسور كمال بداري، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، الذي أطرنـي في حاضنة أعمال الجامعة، “أريد رؤية الطالب الذي يخلق مناصب الشغل أيضا”).
كما دعا مجيدي الشباب، إلى ضرورة اخراج قدراتهم وعدم انتظار الوظيفة. مؤكدًا أن المؤسسات الناشئة والمصغرة والمشاريع الريادية تعتبر بمثابة الطفرة. التي ستقوم بتطوير الجزائر وتساهم في اقتصادها وتساعد على قضاء البطالة.
م.ل.ع
مناقشة حول هذا المقال