رجال المهنة يطرحون انشغالات مهنية واجتماعية
تحيي الجزائر اليوم الوطني للصحافة والذي يصادف22 أكتوبر من كل سنة، والذي جاء كاعتراف بتضحيات أجيال من الصحفيين الجزائريين منذ الثورة إلى مرحلة ما بعد الاستقلال والبناء، فالتعددية مرورا بالعشرية السوداء، كلها مراحل عكست نضالات وتضحيات الأسرة الإعلامية.
أول طلب لإقامة يوم وطني للصحافة:
أول طلب لإقامة يوم وطني للصحافة كان بندوة نقاش في منتدى جريدة «الشعب» نظمت في ذكرى إحياء تحطم طائرة الوفد الجزائري بالفيتنام في الثامن مارس 1974، حيث رافع الصحفي السابق بجريدة المجاهد محمود بوسوسة في تلك الندوة المنظمة يوم 06 مارس 2013 من أجل اعتماد 7 مارس يوما وطنيا للصحفي يتم من خلاله إحياء ذكرى شهداء الواجب.
واقترح في هذا السياق كل من الباحث محمد عباس والإذاعي والأكاديمي خليفة بن قارة، فكرة استحداث يوم وطني للإعلام يتزامن وذكرى سقوط الطائرة العسكرية أو اقتراح تاريخ آخر، لتستجيب السلطة وتقرر 22 أكتوبر يوما للاعتراف والوقوف على التضحيات والمكاسب وعين على المستقبل، في لفتة يرجى منها وضع القطاع على السكة الحقيقية باعتباره يمثل حرية التعبير وأحد ركائز الديمقراطية.
حسيبة روان :” عراقيل في الوصول ونقل المعلومة “
حسيبة روان رئيسة القسم المحلي بجريدة الفجر تحدثت عن المشاكل التي يعاني منها الصحفي في الجزائر فقالت :” من بين المشاكل التي يعاني منها الصحفي في الجزائر نجد عدة مشاكل وعراقيل مهنية وهو ما يصعب العمل للمبتدئين وحتى الصحفي المحترف يجد عند تأدية مهامه عراقيل من بينها حقه الاساسي وهو حق نقل المعلومة حيث أن معظم المؤسسات ليس لها الخبرة في التعامل مع الصحافيين ومن بين العراقيل أيضا نعاني من تفرقة بين الاعلامي في القطاع الخاص والإعلامي في القطاع العام حيث تجد انه له الاولية في تغطية أهم الاحداث بينما الخاص لا يسمح له بالدخول لذلك يجب أن تكون هناك مساواة، في النهاية الكل له هدف واحد وهو نقل المعلومة، أما من الجانب الاجتماعي فالصحفي يعاني من التأمين، تجد الصحفي يعمل لسنوات ويجد نفسه غير مؤمن اجتماعيا وهذا موجود كثيرا في القطاع الخاص، وحتى من ناحية الدخل فهو ضعيف مقارنة بالدول الأخرى، لذلك يجب إعادة النظر في وضعية الصحفي في الجزائر. ”
سعيد تريعة منسق التحرير في جريدة اللقاء ورئيس القسم الثقافي:” عقبات تعطل المهمة النبيلة للصحفي”
لا نقول مشاكل إنما عراقيل، عقبات تعطل المهمة النبيلة للصحفي وهذه يمكن تقسيمها الى عدة أقسام هناك بعض العراقيل في المجال المهني تتعلق بالمحيط وعدم تفهمه لطبيعة عمل الصحفي وعدم وجود تسهيل ببعض المؤسسات وبالتالي عدم تمكين الصحفي في الوصول الى المعلومة رغم أن هذا حق مكفول دستوريا وقانونيا إلا انه بعض المؤسسات لا تفهم طبيعة عمل الصحفي او تفهم وتتعمد عدم تقديم المعلومة وعدم تسهيل مهمة الصحفي
هذا من الناحية المهنية ”
“تم الحديث عن اتفاقيات وتسهيلات للصحفي… لكن لا أثر لها “
وقال أيضا :”الصحفي عادة يسعى ليحصل على المعلومة بالطرق المتاحة والمكفولة قانونا، هناك أيضا جانب آخر يعرقل عمل الصحفي هو الجانب الاجتماعي، الوضع الاجتماعي الذي يعيشه الصحفي والاجر الذي يأخذه بمعنى هل الأجر الذي يتلقاه الصحفي كاف أم لا، الامتيازات الممنوحة له، بل حتى لو ننظر للصحافة بشكل عام نتكلم عن الواقع، نرى فقط دار الصحافة كمثال، لو كان هناك ضيف مهم فإنه لا يوجد مكان من أجل استقباله، وهذا مؤسف ”
وأضاف السعيد تريعة :”كانت في فترة من الفترات وزارة الاتصال تسعى الى مشروع القيام بدار الصحافة تليق بمستوى الصحافيين قاعة محاضرات فندق خاص بالصحافيين لكن هذه المشاريع لم ترى النور، أما عن المحيط الاجتماعي تم الحديث عن اتفاقيات وتسهيلات للصحفي مع الخطوط الجوية، اتفاقيات مع الفنادق مع الصحة لكن مع الاسف لا أثر لهذه الاتفاقيات، وبالتالي عمل الصحفي مرتبط بالظروف المهنية وبالوضع الاجتماعي لابد من تفهم طبيعة عمله وتوفير الظروف المناسبة ”
“الإطار القانوني مهم لكنه يحتاج إلى تفعيل وتطبيق”
واصل كلامه قائلا “هل مجتمعنا ومؤسساتنا مكونة للتعاطي مع وسائل الاعلام، لأن وسائل الاعلام سلطة رابعة وهذه السلطة تحتاج الى تسهيلات وتحتاج الى تفهم وهناك بعض المشاكل في القوانين المسيرة لقطاع الاعلام التي هي بحاجة الى مراجعة وحتى إصدار مراسيم أخرى تواكب التعديلات المتعلقة بالدستور ونحن نستبشر خيرا من خلال الحديث عن إعادة صياغة قانون الاعلام الذي تباشر فيه الحكومة، لكن الى حد الان لا نعلم الخطوط العريضة لهذا البرنامج، نتمنى ان يكون في خدمة الصحفي.
الإطار القانوني مهم لكنه يحتاج إلى تفعيل وتطبيق ومراسيم وتشريعات واضحة، الحديث في الدستور عن عدم تجريم الصحفي عند الكتابة ويتحدث عن عدة اشياء أخرى هل ستطبق وهل تكون في مستوى تطلعات الصحفي” .
خير الدين رضوان:” نطال بتفعيل صندوق دعم الصحافة “
خير الدين رضوان صحفي في جريدة اليوم، عن وضعية الصحفي يقول:”هي متعددة ومتشعبة تمس عدة جوانب منها المهنية المتعلقة بظروف العمل أولا الإمكانيات والوسائل تلعب دور كبير في سلسلة العمل الصحفي فيما يتعلق بالظروف الاجتماعية أغلب الصحافيين يعيشون ظروفا اجتماعية قاهرة في ظل التماطل في تفعيل صندوق دعم المؤسسات الاعلامية خاصة في ظل هذا الظرف العصيب الذي تمر به الجزائر مع تداعيات وباء كورونا هناك العديد من المؤسسات الاعلامية معرضة للغلق في أي لحظة والصحافيون يأملون تحسن ظروفهم الاجتماعية والمهنية ”
كمال عمارني:” أهدافنا لم تتغير بل الظروف هي التي تغيرت “
كمال عماري رئيس التحرير في جريدة le soir والأمين العام لنقابة الصحافيين الجزائريين قال:” أهداف النقابة هي أهداف بديهية وهي الدفاع عن الحقوق المادية والمعنوية للصحافيين وعلى حرية الصحافة والتعبير، النقابة تأسست سنة 1999 بمبادرة مجموعة من الصحافيين أهدافنا لم تتغير بل ظروف هي التي تغيرت ”
“لا نستطيع القول أنه تم إشراكنا كان فيه ندوة واحدة يوم الفاتح من أوت الماضي أين الوزير هو من قام بتنظيم الندوة من أجل الحديث عن القوانين و ليس بهذه الطريقة التي من خلالها يمكن ايجاد قوانين التي تسير القطاع الاعلامي والاقتراح تم بطريقة إدارية كان يجب إشراكنا من أجل تقديم اقتراحات وحلول بالإضافة الى تقديم انتقادات ”
“من المؤسف ان الصحافة الجزائرية الرائدة في الوطن العربي وإفريقيا في مجال حرية التعبير والتي ضحت بالكثير في العشرية السوداء اين فقدنا 106 صحفي وضعيتها الاجتماعية والمهنية الاسوأ في المنطقة. ”
البروفيسور العياضي:”كي لا تنتقل أزمة الصحافة الورقية إلى الإلكترونية علينا اتخاذ ترسانة من المبادرات”
“بمناسبةاليوم الوطني للصحافة، علينا أن نقف وقفة تقييمية شاملة لوضع الصحافة فيالبلاد”، هكذا استهل البروفيسور نصر الدين العياضي المحاضر بكلية الإعلام والاتصال، جامعة الجزائر كلمته.
وفي حديثه حول تحديات الصحافة في الجزائر قال “الصحافة في العالم تعيش أزمة، لكن في الجزائر الأزمة لها خصوصيتها التاريخية والتنظيمية “.
وفي ذات السياق يضيف: “فمن الناحية التاريخية السياسة اغتصبت الإعلام بمعنى اختزلت الصحافة في الخطاب السياسي، بينما الصحافة ظاهرة اجتماعية وثقافية وفكرية”
فالقول بأن خلاصها سيكون على يد الأنترنت يقول العياضي الأمر محتاج لإثبات، وحتى لا تنتقل أزمة الصحافة الورقية إلى الإلكترونية، لابد من اتخاذ ترسانة من المبادرات، أولا امتلاك الشجاعة لتقنين الإشهار، وتطوير البنية القاعدية للاتصالات ولشبكة الأنترنت”.
كما دعا محدثنا إلى إحياء صندوق دعم الصحافة وتوزيعه بشفافية، وفي نفس الوقت محاسبة الصحف والمواقع الإخبارية، ومن جهة أخرى تشجيع العاملين في قطاع الإعلام على إنشاء هيئات الضبط الذاتي للمهنة، وإطلاق ورشات التكوين في صحافة الأنترنت والكتابة للواب.
أحسن السعيد المختص في الإعلام:
“الصحافة اليوم تحتاج لرعاية مادية وأدبية لتؤدي رسالتها، وأكبر مشكل يواجه الصحفي هو صعوبة الوصول إلى مصادر الخبر”
يؤكد الأستاذ احسن السعيد المتخصص في الإعلام بالمدرسة العليا للصحافة، قائلا” أن الصحافة اليوم تواجه عدة تحديات وصعوبات وهي تختلف باختلاف الوسيلة، ولكن كل التوقعات تشير أن المستقبل للصحافة الالكترونية التي قضت على ما يعرف بالمسافات، فالموقع الإلكتروني الجيد يعبر القارات ويصل إلى كل مناطق العالم، وهذا بشرط أن نجد الصيغة المثلى لضمان تمويلها من خلال الإشهار بالدرجة الأولى، وهنا لا يمكن الارتكاز على ما تقدمه الدولة لوسائل الاعلام، بل علينا كسب ثقة القطاع الخاص في الترويج لبعض النشاطات كالسياحة والفندقة والبنوك وغيرها”.
ولعل أهم مشكل تعاني منه الصحافة المكتوبة في الجزائر اليوم يضيف السعيد يتمثل في “صعوبة الوصول إلى مصادر الخبر، وهذا ما يعيق الصحفي في مهامه، كما أن الكثير من القطاعات تمنع عنه المعلومات، للقيام ببعض التحقيقات الميدانية، لذا فالثقة مطلوبة بين الصحفي ومختلف الهيئات، كما أن هناك مشكل آخر تعانيه الصحافة المكتوبة، وهو محدودية الانتشار وهذا راجع لضعف شبكة التوزيع حتى في المدن الكبرى، فالجزائر هي بحجم قارة، ولكن في أغلب الأحيان نجد أن الصحف لا تصل إلى ولايات الجنوب، على الرغم من أن المنطقة تعتبر بحكم الطبيعة أكثر توجها نحو القراءة، لذا فغياب الشركات العاملة على التوزيع أثر سلبا على المقروئية وعلى الصحافة المكتوبة، وكحلول أقترح خلق مجمعات قادرة على التوزيع ولا سيما بالاعتماد على شركات الطيران” .
الصحافة تحتاج إلى تنظيم والقطاع إلى رسكلة
وبالحديث عن اليوم الوطني للصحافة يقول الأستاذ السعيد: ” المناسبة هي تعزيز لحرية التعبير والحق في الإعلام، وقد كرس الدستور الجديد هذا الحق، ولكن بشروط كالصدق والتأكد من المصادر والموضوعية في المعالجة.”
وبالنسبة لواقع الصحافة اليوم من حيث الأداء يقول محدثنا، “أن الواقع صار فوضى منظمة، فالصحافة تحتاج إلى تنظيم، وأغلب النقابات لا تمثل الصحفيين ولا تعبر عن انشغالاتهم وعن القطاع، ونلاحظ أن انخراط الصحفيين فيها قليل، كما أننا نجد أكثر من 130 جريدة يومية إضافة إلى الأسبوعيات إلا أنها لا تعمل في إطار منظم وأهداف موحدة، فالصحافيين يفتقدون للتكوين المناسب، لذا فالقطاع يحتاج لرسكلة، كما أن الصحافة الاستقصائية شبه غائبة، وما صار شائعا اليوم “صحافة النسخ واللصق “التي ليست مقبولة لا مهنيا ولا أخلاقيا”.
على القانون الجديد أن يضمن تواجد الجزائر إعلاميا على المستوى الدولي وألا نبقى متعلقين بالوكالات الأجنبية
وعن تدهور مستوى الكتابة الصحفية حسب الأستاذ السعيد أن الأسباب عديدة منها أن انتقاء الصحفيين صار مبني على المحاباة وليس الكفاءة، وهنا يؤكد السعيد على أهمية البطاقة المهنية للصحفي والتي يجب أن تستلهم مقاييسها من قانون الإعلام، ويجب الانتقاء للصحفيين، لأن الإعلام هو رسالة تربوية توجيهية وعليه أن يواكب الخطوات التي خطتها الدولة الجزائرية دوليا وإقليميا.
وفيما يخص قانون الإعلام الجديد، يقول محدثنا “أن أهم ما جاء به هو تكريس بعض المواد وتكييفها بما يتوافق مع الدستور الجديد، ويجب أن يضمن هذا القانون للصحفي الوصول إلى مصادر الخبر ولا سيما في الملفات الكبرى التي تهم الرأي العام، وعلى القانون الجديد أن يضمن تواجد الجزائر إعلاميا على المستوى الدولي وأن لا نبقى متعلقين بوكالات الأخبار الأجنبية “.
وفي سؤالنا عن مآخذ القانون السابق للإعلام، يقول الأستاذ السعيد أن تشكيل سلطة الضبط الذي لم يتحقق في الواقع لعدة أسباب منها الظروف السياسية التي مرت بها البلاد، يمكن أن يمثل خطوة مهمة في الصحافة إذا ما طبق في القانون الجديد إلى جانب مجلس أخلاقيات المهنة، لأن الصحافة اليوم بحاجة إلى رعاية مادية وأدبية حتى تستطيع القيام بمهامها، وعلى الصحفي أن يتلقى راتب مشجع يغنيه عن عمل آخر حتى يحسن أدائه ويبلغ رسالته”.
عمار عبد الرحمن الأستاذ بكلية الاعلام جامعة الجزائر:
لما نتحدث عن الاعلام يجب ان نتحدث عن مدى مصداقيته و مدى تأثيره، فاليوم معظم القنوات الجزائرية تستقي أخبارها من مواقع التواصل الاجتماعي او المنصة الرقمية بشكل عام.
أما عن التحديات التي نواجهها اليوم في الجزائر هي اننا نعاني في الوصول الى مصادر الخبر، خاصة و ان بعض المؤسسات منها العمومية تحتكر هذا المجال و تضع حواجز أمام الصحافيين للوصول الى مصادر الخبر، من جهة ثانية تقاعس الصحافيين او الوسائل الاعلامية للبحث في مصادر الخبر، تقوم فقط باستخدام الانترنت و البحث في مواقع التواصل الاجتماعي، لهذا دخلنا في ما يسمى بالأخبار الكاذبة أو ما يسمى بالفايك نيوز و هذا ناتج عن عدم البحث في مصادر الخبر.
كما أننا نعيش في الجزائر حركية غير معهودة خاصة من خلال الهجمات السيبرانية من خلال مواقع الكترونية فنحن نهاجم من طرف 96موقع خارجي يوميا، وبالتالي لا يزال الاعلام الجزائري يفتقر للقوة الاعلامية.
أما فيما يخص المنظومة التشريعية فيجب إعادة النظر في بعض مواد قانون الإعلام، يجب إشراك الصحفيين و الأكاديميين في كل عملية تخص هذا الميدان سواء تعلق الامر بالجانب التشريعي او الجانب المهني و بالتالي انا أدعو وزارة الاتصال و السلطات العليا في البلاد الى منح هذا الميدان متسعا أكبر خاصة من الناحية المادية و الإسراع في تنظيم قانون الإشهار حتى يتسنى لهذه المؤسسات الإعلامية آداء وظائفها خدمة للبلاد و العباد.
إعداد: زهور بن عياد/ داود تركية/ بشرى عمروش
مناقشة حول هذا المقال