كثيرا ما يتحول حرص الأولياء على ضمان التحصيل الدراسي لأولادهم إلى خوف يعانيه الأطفال وينعكس سلبا على سلوكاتهم، وقد يزداد هذا الخوف تعقيدا ليصل إلى حد الرهاب أو ما بات يعرف “بفوبيا الامتحانات”، وهي حالة نفسية معقدة أصبح يعاني منها الكثير من التلاميذ، وأصبحت نتائجها خطيرة يكون ضحيتها في الغالب الطفل وبالطبع يمتد الضرر إلى الأولياء.
من اجل الوقوف على الظاهرة والتغلب على اثارها، كان لنا هذا الاستطلاع لبعض الخبراء والاخصائيين في الميدان:
الأخصائية في التربية والأسرة ومستشارة تربوية في مركز السلام للتطوير والتدريب نايت مسعود فاطمة:
تؤكد الأخصائية في التربية والأسرة ومستشارة تربوية في مركز السلام للتطوير والتدريب نايت مسعود فاطمة، أن أهم الخطوات للتغلب على فوبيا الامتحان، هي الاستعانة بالله وكثرة الدعاء والأخذ بالأسباب، ويجب أن يتدرب التلاميذ والطلبة على تهدئة الأعصاب عن طريق تذكر مواقف سعيدة والتدرب على قوة التركيز، وعلى العائلات أن تساعد أبناءها على ضمان التغذية السليمة وممارسة الرياضة الخفيفة بصورة مستمرة لتخفيف الضغوطات ومحاربة القلق.
الأستاذ فهيم: “فوبيا الامتحانات أخذت منعرجا خطيرا، وسببها الرئيسي هو ضغط الأولياء”
يؤكد الأستاذ محمد لطفي فهيم وهو أستاذ متقاعد، درس في مختلف الأطوار التعليمية، ومنذ ما يقارب 15 سنة يعمل جاهدا من خلال المحاضرات التي يقدمها للمقبلين على البكالوريا لمحاربة فوبيا الامتحانات، قائلا “بعد 40 سنة في مجال التعليم اكتشفت أن ظاهرة رهاب الامتحانات التي استفحلت في الجزائر وأخذت منعرجا خطيرا ترجع بالأساس إلى الضغوطات التي يمارسها الأهل والمحيط على الطفل، واعتبار العلامات هي المعيار الحقيقي للتفوق دون الاهتمام بالتكوين، وكثيرا ما يصاب التلميذ بالإحباط نتيجة المقارنات التي يعتمدها الأولياء لمقارنة الطفل مع أقرانه “.
ولمحاربة هذه الظاهرة التي صارت تشكل عبئا على التلاميذ خاصة ممن يجتازون الامتحانات النهائية، يؤكد الأستاذ لطفي أنه يجب العمل على تحديث طريقة المراجعة وتعزيز الثقة في النفس، وفي هذا الصدد يقول محدثنا “أعظم هدية يجب أن يقدمها المعلم للطالب هي تعزيز الثقة بالنفس، وهذا لن يتأتى حتى يكون المعلم ذو كفاءة، فيعمل على إيصال المعلومات وتثبيتها لتغني التلميذ عن اللجوء لدروس الدعم، وبدوره يقدم التلميذ أحسن هدية لمعلمه وهي النجاح والتفوق”.
وفي مجمل المحاضرات التي يقدمها الأستاذ فهيم والتي حملت هذه السنة شعار “بكالوريا بدون قلق”، ركز على منح الطلبة مهارات تحفيزية منها ما يتعلق بالتميز ومعايير النجاح التي تبني على عدة أسس واعتبار النجاح الدراسي جزء منه، كما يحاول فهيم تقديم استراتيجيات ناجحة لطريقة المراجعة والتحضير الجيد من كل النواحي النفسية والروحية والبدنية والعلمية، وهذا عبر عرض مجموعة من القصص الهادفة التي تتوج بعبرة تحفيزية، يحاول من خلالها زرع الأمل والثقة في نفوس الطلبة وإبعادهم عن القلق الذي يتطور في أحيانا كثيرة ليصبح فوبيا ورهاب.
وفيما يتعلق بالحلول والعلاج من هذه الظاهرة التي أصبحت تميز الامتحانات النهائية في مجتمعنا، يقترح محدثنا مجموعة من الحلول منها تعزيز الثقة بالنفس للتلميذ، وعلى الأسرة أن تكون واعية لما يسببه الحرص الشديد على تحصيل أعلى العلامات دون الالتفات لما يعانيه أبناؤها من ضغوطات نفسية خطيرة قد تصل بهم إلى ترك المنزل والتفكير في الانتحار، كما يمكن الاعتماد بشكل كبير على تعليم الأطفال طريقة التنفس الجيد عند الإصابة بالقلق أثناء الامتحان فهذه الطريقة وتكرارها تعيد للتلميذ توازنه النفسي وبه يتخلص من القلق، وينسجم مع ورقة الامتحان ليحقق نجاحه العلمي.
زهور بن عياد
مناقشة حول هذا المقال