ما ألحقه جيش الاحتلال بالفلسطينيين خلال سنة، هو باختصار إبادة حقيقة مكملة الأركان تتمّ أمام مرأى ومسمع العالم الذي فضّل بعضه التزام الصمت، فيما تحرّكت قلّة قليلة بحزم لوقف إراقة دماء الفلسطينيين، مثل جنوب إفريقيا التي رفعت دعوى قضائية ضد الكيان الغاصب لدى محكمة العدل الدولية، والجزائر التي سخّرت عضويتها في مجلس الأمن ومكانتها الدولية للمطالبة بوقف إطلاق النار في غزة، لكن كانت الولايات المتحدة الأمريكية تواجه أي قرار يدعو لوقف المذبحة بالفيتو. لتكشف الأيام والأشهر بأن الموقف الأمريكي والغربي ومواقف كثير من المنظمات والهيئات الدولية التي تدّعي حقوق الإنسان والحريات، اختارت الاصطفاف إلى جانب الصّهاينة، ودعمت حربهم الظالمة عسكريا وسياسيا وقانونيا ودبلوماسيا، وهو الأمر الذي جعل مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل يقول: “إنّ غزّة مقبرة للعديد من أهم مبادئ القانون الإنساني”، ويرى كثيرون أنّها مقبرة لمبادئ الغرب كذلك.
أكثر من 42 ألف شهيد خلال سنة معظمهم أطفال ونساء
لم يتردّد الكيان الصّهيوني وهو يخوض أطول وأبشع حرب منذ قيامه المشؤوم على أرض فلسطين، في استعمال كل وسائل القتل والدّمار في قطاع غزة دون أن يميّز بين مقاتل ومدني، بين رجل أو امرأة أو طفل أو حتى جنين في بطن أمّه، فالجميع أصبحوا بالنسبة إليه أهدافا مستباحة .
ولأنّه خطّط للإبادة الجماعية، فقد استعمل كل أنواع الأسلحة الفتاكة وحتى المحرّمة منها التي تسلّمها من الولايات المتحدة الأمريكية على وجه الخصوص، مثل قنابل “جيبو 28″، والقنابل الموجّهة بنظام “جي بي اس” بهدف تدمير البنية التحتية، وقنابل الفوسفور الأبيض، والقنابل الغبية أو غير الموجهة، وقنابل “جدام” الذكية، كما ألقى على رؤوس المدنيين في مختلف مناطق القطاع، أكثر من 85 ألف طن من المتفجرات و45 ألف صاروخ، ما تسبب في ارتقاء 42 ألف شهيد، بينهم نحو 17 ألف طفل، ونحو 12 ألف سيدة، و986 من الطواقم الطبية، و174 صحفيا، و85 عنصرا من الدفاع المدني.
وأدّى عدد الضّحايا الكبير إلى تيتيم نحو 25 ألف و973 طفلا في القطاع، حيث باتوا يعيشون بدون والديهم أو بدون أحدهما، ما يرفع عدد الأيتام في القطاع إلى 52 ألفا و322 طفل بعدما كان عددهم 26 ألفا و349 حتى عام 2020، وفق جهاز الإحصاء الفلسطيني.
أما عدد المصابين، فقد وصل إلى 96 ألفا و844 آخرين، بينهم أكثر من 22 ألفا و500 فلسطيني يعانون إصابات تغير حياتهم، بحسب بيان لمنظمة الصحة العالمية في 12 سبتمبر الماضي.
وتشمل تلك الحالات “إصابات خطيرة في الأطراف، وبتر أطراف، وأضرارا في النخاع الشوكي، وإصابات دماغية، وحروقا بالغة، تتطلب خدمات إعادة التأهيل الآن، وفي السنوات القادمة”، وفق المصدر.
وطبعا، تأتي هذه المتطلبات وسط ظروف صحية صعبة يعاني منها القطاع جراء نقص الأدوية والمستلزمات الطبية والتدمير الممنهج للمستشفيات المركزية والصغيرة في القطاع، حيث أورد المكتب الإعلامي الحكومي الفلسطيني، أن الجيش الصهيوني أخرج 34 مستشفى و80 مركزا صحيا عن الخدمة، كما استهدف 162 مؤسسة صحية و131 سيارة إسعاف.
كما قام الاحتلال بالقضاء على القطاع التعليمي في القطاع بشكل كامل، وشلّ الدراسة للعام الثاني على التوالي، وذلك بعد تدمير أكثر من 125 جامعة ومدرسة بشكل كلي، و337 جامعة ومدرسة بشكل جزئي وباتت غير صالحة للتعليم، واستشهد 11.500 طالب وطالبة من المدارس والجامعات، فضلا عن إعدام 750 معلما ومعلمة من مختلف الهيئات التدريسية.
حماس “لا مساومة على حق الفلسطينيين في إقامة دولة مستقلة”
أكدت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” في الذكرى الأولى للعدوان الصهيوني على قطاع غزة، الإثنين، أن لا مساومة على حق الشعب الفلسطيني المشروع في مقاومة الاحتلال الصهيوني من أجل إقامة الدولة الفلسطينية الحرة المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية والعيش حياة حرة كريمة بلا حصار ولا قصف ولا تهديد ولا وصاية كباقي شعوب العالم.
قالت الحركة، في بيان صحفي: “لقد كان السابع من أكتوبر المجيد محطة تاريخية في مشروعنا النضالي، شكلت استجابة طبيعية لما يحاك من مخططات صهيونية تستهدف تصفية قضيتنا الوطنية، وإحكام السيطرة على أرضنا ومقدساتنا وتهويدها وحسم السيادة على المسجد الأقصى المبارك والتنكيل بالأسرى ومواصلة حصار غزة..”. وأشارت إلى أنه: “منذ السابع من أكتوبر العام الماضي، وعلى مدار عام كامل، ارتكب هذا العدو النازي ولا يزال أبشع الجرائم والمجازر، وشن على شعبنا أفظع حرب إبادة جماعية يشهدها التاريخ المعاصر”.
وشددت على أن جرائم الاغتيال الجبانة، التي ينفذها الاحتلال الفاشي ضد قادة ورموز وطواقم قوى المقاومة داخل فلسطين وخارجها، وضد قادة المقاومة في جبهات الإسناد، “لن تزيد الحركة إلا قوة وصلابة وإصرارا على مواجهة الاحتلال ومخططاته العدوانية، حتى دحره وزواله”
وتابعت الحركة: إن “توسيع العدو الصهيوني دائرة عدوانه ليشمل دولا عربية وإسلامية في لبنان وسوريا واليمن والعراق وإيران يثبت مجددا أنه يشكل خطرا حقيقيا على أمن واستقرار المنطقة وعلى السلم والأمن الإقليمي والدولي، وأن الحاجة الآن أصبحت ماسة لردع هذا الكيان المارق وعزله ومقاطعته وإغلاق كل محاولات دمجه في جسم أمتنا أو تطبيع العلاقات معه”
وجددت “حماس” دعوتها للدول العربية و الإسلامية “لاتخاذ خطوات عاجلة تقود إلى وقف العدوان والإبادة المتواصلة ضد الشعب الفلسطيني والتحرك الجاد لكسر الحصار وإدخال المساعدات والإغاثة لقطاع غزة وقطع كل أشكال العلاقات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية مع الكيان الصهيوني”.
بلال عمام
مناقشة حول هذا المقال