تعود الذاكرة بالجزائريين اليوم الخميس الموافق لـ17 أكتوبر 2024 الى الأحداث الأليمة الى وقعت منذ 63 سنة بباريس اين استشهد الألاف من أبناء و بنات الجالية الوطنية بالخارج على يد الشرطة الفرنسية، التي فضحت الممارسة الإجرامية لفرنسا الاستعمارية، وأبانت بالمقابل عن تلاحم أبناء الشعب الجزائري داخل الوطن وخارجه واعتزازهم بهويتهم وتمسكهم بوحدتهم.
فكانت مجازر 17 أكتوبر 1961 خير دليل و شاهدا على تلاحم الجزائريين و بشاعة الاستعمار الفرنسي .
فبعد ان فرضت حكومة باريس بالتحديد يوم 5 أكتوبر 1961، حظر تجول على ما أطلق عليهم حينها “مسلمي فرنسا الجزائريين”، من الساعة الثامنة مساء وحتى الخامسة والنصف صباحا، وذلك بعد أشهر من مداهمات وحملات أمنية ضدهم، واعتقال أعداد كبيرة من المهاجرين وإعادتهم إلى السجون والمعتقلات في الجزائر، في خطوة رآها جزائريون وقتها عنصرية وتعسفية، قررت جبهة التحرير الوطني، الدعوة لمظاهرات واسعة يوم 17 أكتوبر، احتجاجا على تلك الإجراءات ضد الجزائريين في فرنسا، وبالفعل، استجاب لهذه الدعوة عشرات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال أيضًا.
فخرجوا في مظاهرة سلمية يوم 17 أكتوبر 1961 احتجاجا على حظر التجول في باريس ودعم النضال من أجل الاستقلال، ورفعوا شعارات “فليسقط حظر التجوال.. الاستقلال للجزائر.. تحيا جبهة التحرير”.
لكن السلطات الفرنسية أصدرت أوامر عبر رئيس شرطة باريس آنذاك، موريس بابون، لقمع المظاهرات وثني الجزائريين عن الاحتجاج.
قمع ووحشية المستعمر الفرنسي
تدخلت الشرطة الفرنسية بوحشية وشرعت في قمع المتظاهرين، فقتلت العشرات منهم عمدا في الشوارع ومحطات مترو الأنفاق.
وألقت الشرطة بآخرين من الجسور في نهر السين، ما أدى إلى مقتلهم، وهو ما بات يعرف بعد ذلك بمجزرة “باريس عام 1961”.
وتعد مجزرة نهر السين بباريس من بين المحطات الكثيرة التي أبان فيها الجزائريون بالمهجر عن ارتباطهم الوثيق بوطنهم الأم, حيث أن الجالية كانت تمثل المحرك الأساسي والمحيط الحيوي الذي استمدت منه الثورة التحريرية دعمها.
وبهذه المناسبة تم عام 2021 ترسيم الوقوف دقيقة صمت, سنويا عبر الوطن، ترحما على أرواح شهداء مجازر 17 أكتوبر 1961 بقرار من رئيس الجمهورية, السيد عبد المجيد تبون, الذي اعتبر في رسالة له بذات المناسبة أن هذه الذكرى تعيد إلى الأذهان الممارسات الاستعمارية الإجرامية المقترفة في حق الشعب الجزائري وتذكر أجيال اليوم بأن تضحيات الشهداء الذين سقطوا في ذلك الثلاثاء الأسود, ستظل مرجعا قويا, شاهدا على ارتباط بنات وأبناء الجالية بالوطن وعلى ملحمة من ملاحم كفاح الشعب الجزائري “.
وجدد رئيس الجمهورية بذات المناسبة حرصه الشديد على التعاطي مع ملفات التاريخ والذاكرة، “بعيدا عن أي تراخ أو تنازل, وبروحِ المسؤولية التي تتطلبها المعالجة الموضوعية النزيهة”.
يمينة سادات / فريال بونكلة
مناقشة حول هذا المقال