نشهد اليوم حدثًا تربويا هاما، ألا وهو الدخول المدرسي. حيث يتجدد الموعد من جديد بين الطلاب والمؤسسات التربوية. في خطوة إضافية على طريق كسب معركة التربية والعلم. وللحديث عن هذا الحدث التربوي الهام بكل دلالاته وأبعاده. كان لنا هذا الحوار مع المفتش السابق والبرلماني والخبير التربوي. مسعود عمراوي:
الدخول المدرسي حدث تربوي هام يتطلب التحضير الجيد، من وجهة نظركم ماهي طبيعة الدخول المدرسي الناجح؟
إن دولتنا بكل فخر واعتزاز.وفرت لكل طفل بلغ سن السادسة من العمر مقعدا دراسيا، وجعلت التعليم إلزاميا. وهي من الدول القليلة جدا في العالم التي أقرت مجانية التعليم في كل الأطوار. بما فيه التعليم الجامعي، فالطالب في الجامعة يستفيد حتى بمنحة، وتوفر للأباعد الإقامة والإطعام بدينار رمزي، هذا الذي لا يتوفر في كثير من دول العالم.ففي المحافل الدولية لنقابات التربية لما نخبرهم بمجانية التعليم في كل الأطوار بما فيه التعليم العالي لا يصدقون.
ومن أهم شروط نجاح الدخول المدرسي توفير الهياكل اللازمة لاستقبال أبنائنا التلاميذ. إضافة إلى البناء السليم للخريطة التربوية مع وجوب توفير العدد اللازم للأساتذة.وهذا ما تقوم به وزارة التربية خلال السنوات الأخيرة لعمليات الإدماج لتغطية كل العجز والنقائص عبر ربوع الوطن، حتى أنه خلال هذه الأيام فتحت أرضية للتعاقد تحسبا للنقائص في مختلف المواد.وأملنا تحقيق القسم النموذجي الذي لا يتعدى عدد تلامذته 30 تلميذا.لأن الاكتظاظ أثر سلبا في العملية التربوية.
يعرف الموسم الدراسي الحالي بعض المستجدات مثل إلغاء مواد وتثبيت أخرى، الانجليزية في طور الابتدائي، تنصيب امتحان تقيم المكتسبات، ما رأيكم وهل لديكم اقتراحات فيما تم إقراره؟
لقد اتخذت وزارة التربية الوطنية، إجراء تربويا إيجابيا من خلال إلغاء مادتي التربية التكنولوجية والتربية المدنية لتلامذة الطور الأول من التعليم الابتدائي أي للسنتين الأولى والثانية، لما تتضمنه هاتين المادتين من مستوى يفوق المستوى العقلي لتلميذ هذه المرحلة، وتم تعويضهما بإضافة ساعة للتربية البدنية والرياضية، و45 دقيقة لمادتي الفنون التشكيلية والتربية الموسيقية، فالتربية التشكيلية، تنمي عضلات اليد للتلميذ، وفي نفس الوقت تنمي قدراته العقلية، وتلميذ هذه المرحلة يكفيه أن يقرأ ويكتب ويحسب، كما أن الطفل في هذه المرحلة بحاجة ماسة للعب، خاصة الألعاب التربوية، وهذا ما ستدرجه الوزارة في المقررات الدراسية، لأن عقله لا يتقبل حشو مختلف العلوم والمعارف خلال هذه المرحلة العمرية .
عرف الموسم الدراسي المنصرم نتائج كانت الأحسن كما ونوعا منذ الاستقلال، كما عبرت السلطة عن ذلك، ما رأيكم في ذلك وإلى ما يرجع تحقيق هذه النتائج؟؟
فعلا لقد كانت النتائج هي الأحسن ويرجع ذلك للاستقرار الذي. عرفته المؤسسات التربوية، إذ كانت السنة الدراسية .هادئة بدون حركات احتجاجية ما مكن الأساتذة من إنهاء المقررات الدراسة في أريحية تامة بدون عجالة مع الشروحات الوافية، ما جعل التلاميذ يستوعبون الدروس نتيجة ذلك.ناهيك أنه منذ سنوات وأبناؤنا التلاميذ لا يستكملون إتمام المقررات الدراسية.خلافا لهذه السنة حيث درسوا المقررات الدراسية كاملة وفي كل الأطوار.خاصة تلامذة الامتحانات الرسمية- امتحان تقييم المكتسبات، شهادة التعليم المتوسط و شهادة البكالوريا- وبذلك فالنقطة الإيجابية فإن التلاميذ الناجحين .في مختلف الأطوار لهم الملمح الحقيقي لتلميذ تلك المرحلة بكل جدارة واستحقاق.
تم اختيار موضوع السلامة المرورية كدرس افتتاحي للسنة الدراسية كيف ترى اهمية هذا الموضوع في توعية التلاميذ.
بعدما برمجت وزارة التربية الوطنية، خلال السنة الدراسية الماضية. مادة التربية المرورية لكل الأطوار، طبعا كل طور تم مراعاة مستواه، هاهي الوزارة ومن أجل المساهمة الفعالة في توعية الأولياء وأبنائنا التلاميذ، جعلت الدرس. الافتتاحي لهذه السنة حول السلامة المرورية، التي تعني. اتخاذ كل التدابير والاحتياطات اللازمة لتجنب وقوع الحوادث. والإصابات لمرتادي الطرق، سواءً كانوا سائقي السيارات أم المشاة أم راكبي الدراجات.وفي نفس الوقت ليعرف التلميذ كيفية اجتياز الطرقات من خلال ممرات الراجلين ووجوب الالتفات يمنة ويسرة قبل قطع الطريق، الوزارة أقرت هذا الدرس لما له من أهمية بالغة خاصة وأن مجازر الطرقات أصبحت لاتطاق، فالطرقات أصبحت تحصد آلاف الأرواح كل سنة مما ينجم عنها من خسائر في الأرواح والممتلكات وفي الاقتصاد الوطني بصورة عامة.
باعتباركم أحد أطراف الاسرة التربوية في الجزائر كيف تقيمون واقع المنظومة وما تقترحونه لترقية الاداء التربوي وتطوير المنظومة؟
إن واقع المنظومة التربوية ليس في رواق جيد. فهو بحاجة لمراجعة جوهرية. لأن ما سمي بمناهج الجيل الثاني بكل أسف لا علاقة له بواقع المدرسة الجزائرية، وكأنها انطلقت بعد عام من تولي الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وتحديدا في 13 ماي 2000 بناء على المرسوم الرئاسي رقم 101/2000 المؤرخ في : 05 صفر 1412 الموافق لـ : 09 ماي 2000. المتضمن إحداث اللجنة الوطنية لإصلاح المنظومة التربوية، حيث تم تنصيب اللجنة الوطنية لإصلاح المنظومة التربوية المسماة . بإصلاحات بن زاغو، والتي تم البدء في تطبيقها سنة 2002. وكأنه قبل هذا التاريخ لا توجد لا مدرسة وطنية، ولا أجيال تتلمذوا قبل هذا التاريخ، كما تم إدراج سموم كثيرة في المقررات الدراسية يستوجب إزالتها في أقرب وقت من خلال إعادة النظر في المناهج والبرامج ومحتويات الكتب المدرسية، وقد أشار لذلك السيد رئيس الجمهورية في حملته الانتخابية، حيث تعهد بذلك. وهذه بعض السموم الواردة في كتبنا المدرسة، ترسيم خريطة إسرائيل ومحو خريطة فلسطين في كتاب الجغرافيا للسنة الأولى متوسط، حيث تضمنت الصفحات 65 و 71 و75 خرائط ترسّم خريطة إسرائيل، ولم يتم التنبيه إلا للخريطة الموجودة في صفحة 65 التي كتب عليها إسرائيل فثارت حولها الضجة وطلب من التلاميذ تمزيقها، والخريطتان مازالتا جاثمتين في الكتاب، وتلقين أبنائنا التلاميذ بأن الاستقلال هو منحة من فرنسا و نتاج ديمقراطيتها من خلال الاستفتاء الشعبي الذي نظمته فرنسا للشعب الجزائري، وليس نتاج تضحيات الشعب الجزائري ومقاومته للاستدمار الفرنسي وتقديم جحافل من الشهداء وأنهار من الدماء، والاهتمام بالمظهر الخارجي للشخصيات الوطنية ورموز الأمة وإبراز اهتمامهم بالفن والموسيقى على غرار ما جاء في كتابي اللغة العربية للسنتين الثالثة والرابعة ابتدائي للتعريف بشخصية الأمير عبد القادر، حيث نجد الموضوع لم يذكر بطولات الأمير ومقاومته للاحتلال الفرنسي، وإنما ركّز على شكله الخارجي، فهو مفتول العضلات ووسيم الوجه وأهدابه سوداء على عينين خضراوين … أما الشهيد العربي بن مهيدي فكان متذوقا للفنّ والموسيقى والمسرح.
إضافة إلى تشجيع عمالة الأطفال ويتجلى ذلك من خلال نصوص في كتاب للسنة الرابعة ابتدائي، يتحدث فيه عن بيع الطفل لـ”الديول” ونص بعنوان ماسح زجاج السيارات وغيره، في الوقت الذي نجد فيه كل دول العالم تحارب عمالة الأطفال، وتدريس التربية الجنسية لتلاميذ السنة الثانية ابتدائي “التكاثر عند الحيوان ” ص 67 ومطالبة التلاميذ بربط كل حيوان بسلوكه أثناء التكاثر. ناهيك عن البرمجة الذهنية للعنصرية المؤسساتية -درس جوازم الفعل المضارع -كتاب اللغة العربية ص 50، إذ قال المعلم الفرنسي لمحمد قف لا تجلس في هذا الصف أنت عربي، ألم تفهم بعد نظام القسم؟ لكن محمدا لم يرد تغيير مكانه فقال بأدب معذرة سيدي أبي عربي وأمي قبائلية فلم أدر في أي صف أجلس! وفي إحدى التطبيقات يطلب من التلميذ أن يجيب عن هذا السؤال بنعم أو لا: حينما أتكلم بالأمازيغية أشعر بالفخر والاعتزاز نعم أو لا؟ حينما أتكلم بالعربية أشعر بنقص نعم أو لا؟ فإن هذا النوع من الأمثلة والأسئلة في كتاب حكومي رسمي يدخل في إطار البرمجة الذهنية لدى طفل المرحلة الابتدائية وغرس العنصرية المؤسساتية! إن المجال لا يتسع لذكر كل السموم الواردة في الكتاب المدرسي ناهيك عن استهداف مواد الهوية، وتجميد المعْلميْن الأساسيين الذين أقرهما القانون التوجيهي للتربية الوطنية 08/04 لرسم السياسة التربوية وهما المجلس والمرصد الوطنيين للتربية.
علما أن كل المنظومات التربوية في العالم تضع مناهج وبرامج لتخريج المواطن الذي تريده متشبعا بالروح الوطنية العالية، وبقيم الأمة ومقوماتها الحضارية.
النجاح دأب كل متمدرس بل كل إنسان في الحياة، في تصوركم، ما هو المدلول الحقيقي للنجاح، وبماذا تنصحون التلاميذ لتحقيق هذا المبتغى، ودور الأولياء في مرافقة أبنائهم نحو هذا الهدف.
النجاح مقرون بعظمة الأمل، ومواصلة العمل، ومن ركن للتواكل والكسل فإن مصيره الفشل، والإرادة تصنع المعجزات، أنصح أبنائي التلاميذ ألا ييأسوا وأن لا يتسرب إلى نفوسهم الإحباط أبدا، وليأخذوا العبر من كثير من العظماء الذين أخفقوا في محطات معينة من حياتهم، ولكن لم يفشلوا ولم يستسلموا فكان النجاح حليفهم، وكل العالم الآن يشيد بما حققوه من اختراعات وابتكارات، وللأولياء دور كبير في مرافقة الأبناء، من خلال الاهتمام بهم وعدم ترك الحبل على غاربهم، فالتوجيه والنصح من واجب الأولياء ناهيك عن التحفيز المادي والمعنوي لما له من تأثير قوي في نفوس الأبناء .
مناقشة حول هذا المقال