تتسارع الأحداث ويقترب موعد الحسم بالنسبة للانتخابات الرئاسية في الجزائر
المقررة في السابع من شهر سبتمبر الجاري.
وبالمناسبة تحدث لنا الخبير في الشؤون الاستراتيجية محمد شريف ضروي
عن سيرورة الحملة الانتخابية ومدى التجاوب الجماهيري معها
كما تحدث عن التحديات الداخلية والخارجية، وختم حديثه بأبرز النقاط
التي يتعين على الرئيس الجديد التركيز عليها في سبيل استكمال مسار بناء الجزائر الجديدة.
في غمار الحملة الانتخابية كيف تقرأون مشهد الحملة
من حيث الخطاب الاداء و التسويق الاعلامي و كذا الافكار؟
هذه الحملة الانتخابية كانت الأكثر انضباطا باعتبار قلة المترشحين
والذين بلغ عددهم ثلاثة فقط، أيضا امام وضع مستقر الى حد ما في الجانب الاجتماعي والسياسي،
لذلك نجد الحملة الانتخابية تسير في وتيرة متصاعدة اين انطلقت الحملة بنسق بسيط جدا
وهنا تظهر مدى خبرة المترشحين، لأنه هنا تحدث المنافسة فيكون المترشح في وضعية مراقب
لباقي المترشحين من حيث تحركاتهم الأولى كمكان الانطلاق ومواعيد الخطاب، الوعود،
المقاربات، السياسات والبرامج التي يريد تسويقها للناخب الجزائري، لذلك يبقى الجميع يترقب،
وهذه كانت من النقاط الأساسية.
أيضا الحملة الانتخابية تبدأ كما قلنا بنسبية بسيطة باعتبار أن الناخب الجزائري
لا يندمج بسرعة في أي تسويق عندما يتعلق الأمر بالجانب السياسي وهي ثقافة اجتماعية
تقريبا غلبت على المجتمع الجزائري بعد استحداث التعددية سنوات التسعينات.
أيضا يبقى جانب آخر وهو طغيان الفئة الشبابية على الساحة الوطنية
باعتبارها أكبر شريحة في المجتمع الجزائري وهاته الفئة يراد دائما
من صانعي السياسات والأحزاب بما فيهم المترشحين التعامل معها بتريث وروية وبدقة كبيرة
لاجتناب أي قراءة مغايرة لطروحاتهم، لذلك ينطلقون خطوة بخطوة نحو هذه الفئة الكبيرة
التي تؤثر على المشهد السياسي بطبيعة الحال. أما من ناحية التسويق الإعلامي للحملة
فلم تظهر بوادر على وجود ميكانيزمات وآليات جديدة تعمل على بعث تسويق حقيقي
ذو بعد إستراتيجي ينطلق من محددات ويصل الى مخرجات تتراكب مع البرامج والمقاربات
التي يطرحها المترشحون، بل شهدنا تسويق اعلامي في شكله البسيط والتقليدي،
لأنه لم يخرج من نسق التجمعات الشعبية والخرجات الجوارية الى استعمال
ولو محتشم لوسائل التواصل الاجتماعي، أكثر من هذه الثلاثة نقاط لا يوجد أي ابداع
حقيقة في التسويق الإعلامي لدى المترشحين.
هل ترون ان الافكار و الرؤى المطروحة من قبل المترشحين تتجاوب مع الاهتمامات و الرهانات المطروحة وطنيا و دوليا؟
الرؤى والأفكار المطروحة من قبل المترشحين تتجاوب دائما مع تطلعات وانشغالات المواطن
وذلك لسبب بسيط يتمثل في كون المترشح مواطن جزائري، ولكن تبقى مدى مصداقية هذه الطروحات
والمقاربات من خلال مدى ادراك المترشح للواقع الحقيقي لكل الوعود التي يمكن أن يطرحها
هل هي قابلة للتنفيذ هل لديه الآليات والوسائل لتحقيق ذلك، هل لديه رؤى واستراتيجيات وآليات التنفيذ في حد ذاتها،
هل لديه الإطار المؤسساتي والمورد البشري الذي يمكن أن يراهن عليه لتحقيق هذه الأمور،
وأكثر من ذلك هل لديه الإحصائيات الحقيقية الرسمية التي ينطلق منها لتقديم مثل هذه الوعود أو البرامج.
فقط يبقى المترشح عبد المجيد تبون المترشح الحر من لديه مصداقية أكبر
باعتباره رئيس العهدة السابقة التي شارفت على الانتهاء لأنه لديه الإحصائيات
التي ينطلق منها لذلك هو يتكلم دائما بلغة الأرقام لأنها لغة الإنجازات للعهدة السابقة
ويريد دائما تطوير هذه الأرقام الإيجابية الى أرقام أعلى وتقديم طروحات تنطلق من مدخلات ثابتة وواضحة بحكم أنه رئيس الجمهورية الجزائرية في العهدة السابقة.
أما بالنسبة للرهانات والرؤى المطروحة فيما يتعلق بالعلاقات الخارجية
للدولة الجزائرية والدبلوماسية بين المترشحين الثلاث فيوجد توافق كامل،
لأن الجميع يدرك بأن الجزائر من خلال عودتها الى تموقع دولي جد مرموق في السنوات الأخيرة
صنع لها إيجابيات كثيرة وجب الحفاظ عليها وتطويرها وتنميتها للأمام،
أيضا ذلك خلق لها عداوات معينة خاصة مع الدول ذات الفكر الاستعماري،
لذلك فالجميع يدرك ان هنالك كواليس ومخططات لضرب استقرار الجزائر
ويجب هنا دائما التحرك بلغة الشعب الواحد والمواطن الواحد.
فالجزائر تدرك تمام الإدراك أن ما يحاك ضدها يستهدف بالدرجة الأولى استقرار الدولة الجزائرية
وهنا نتحدث عن وجودية الدولة واستمرارية الدولة في حد ذاتها،
لذلك الجميع هنا وهذا شيء جميل جدا يدرك هذه الأمور بتوافق كبير سواء المترشحين الثلاثة،
الأحزاب الداعمة والمجتمع المدني ووصولا الى المواطن الذي يتواجد على قناعة تامة بما نقول.
كيف تقيم واقع ثقافة الانتخابات في المجتمع وكيف يمكن تطويرها ؟
الانتخابات تبقى دائما تسير وفق المنهج التقليدي في شكله البسيط جدا، فهي لم تخرج من العلاقة المباشرة البسيطة التي تربط المترشح بالناخب الجزائري، سواء بالنسبة لمترشحي رئاسة الجمهورية أو حتى الانتخابات التي سبقت كالانتخابات التشريعية للبرلمان والانتخابات المحلية وغيرها… فهي دائما ما تعتمد كما قلنا سابقا على النهج التقليدي الذي يتعلق بالركيزة الأولى التي تستهدف طرح مقاربات مباشرة وهي التجمعات الشعبية بقيادة المترشح الرئيسي بطبيعة الحال، الى جانب خرجات جوارية سواء بالنسبة للمترشح أو الإدارات المعنية كإدارات الحملة الانتخابية على المستوى الوطني أو على المستوى الولائي أو البلدي بما فيهم خرجات جوارية للمترشح.
كما نشهد كذلك استعمال لوسائل التواصل الاجتماعي ولكن تبقى بناء على التطورات الدولية في هذا المجال خاصة الذي يمتاز بالابتكار والإبداع من خلال استعمال مديريات الحملات الانتخابية رغم أنه بإمكانه إحداث فرق كبير في النتائج والعملية الانتخابية في شكلها العام، وأيضا هو من إحدى الأسس لصناعة الوعي السياسي والانتخابي الذي يراد منه الوصول الى نسبة مشاركة كبيرة والتي تكون في حد ذاتها احدى أسس المرحلة الانتخابية لأن الجزائر تعيش العديد من التحديات والرهانات الدولية أكثر منه الداخلية، فالوصول الى نسب مشاركة عالية يعتبر بمثابة رسالة للخارج على أن الشعب تحول من لغة الشعارات الى السلوك الحضاري للانتخاب وهي رسالة أيضا على مدى تكامل ولحمة الشعب الجزائري فيما بينه وأيضا ما بين الشعب الجزائري والمترشح الفائز برئاسة الجمهورية.
من ناحية أخرى، عندما نتحدث على إمكانية التطوير فالمجال واسع لأن الحملة الانتخابية توجهنا للتحدث عن الوعي السياسي لدى الناخب الجزائري والشعب الجزائري بشكل عام والعديد من الأطر الأخرى التي تقع تحت هذا العنوان.
أيضا نتحدث عن طبيعة صانعي السياسات والأحزاب والراغبين في الترشح في مثل هذه المناسبات
تجعلنا نتساءل عن مدى قوة هؤلاء من ناحية الفكر، إمكانيات التواصل،
استراتيجيات العمل والبرامج التي تطرح لفائدة الناخب المواطن
بالدرجة الأولى ولفائدة البناء المؤسساتي في كل مجالاته السياسية، الاقتصادية والثقافية.
أيضا نتحدث عن العلاقات الخارجية ومدى قدرة المترشح على إدارة مثل هاته الملفات الكبرى التي تطغى عليها منذ الحرب العالمية الثانية أو العصر الحديث ما تسمى بديبلوماسية الأزمات والصدامات وغير ذلك، لأن المصالح دائما تحدث فيها مثل هذه الأمور.
أيضا نتحدث عن الواقع السياسي في حد ذاته الذي يحتاج في حد ذاته دائما الى تطوير مستمر ليواكب التطورات العلمية والتطورات الأخرى عبر كل منظومات المنتظم الدولي.
كيف ترون اهمية هذه الانتخابات على الصعيدين الداخلي والخارجي؟
على الصعيد الداخلي، هي احدى الأسس الرئيسية في البناء السياسي والمؤسساتي الذي ينطلق منه أي فائز من المترشحين الثلاث الى وضع المنصة الحقيقية للفكر السياسي ينطلق منه الى التنفيذ، خاصة فيما يتعلق بالجانب الاقتصادي والرؤى الاقتصادية الهادفة الى التنمية الداخلية وفقا للتطورات الدولية وتحقيق دائما مبدأ الاكتفاء الذاتي في المجالات الإستراتيجية وتطوير قطاعات أخرى وهو ما يهم المواطن
الجانب الاقتصادي وتحقيق الاكتفاء الذاتي يعود كمتتابعة الى الأوضاع الاجتماعية مما يحقق الاستقرار الاجتماعي والرخاء والرفاهية بالنسبة للمواطن الجزائري الذي يبحث عن الحياة الكريمة على غرار كل البشرية في العالم.
في تصوركم ما هي الاولويات التي ينبغي ان يشتغل عليها الرئيس القادم؟
الأولويات التي ينبغي أن يشتغل عليها الرئيس القادم ويبقى هذا رأيي الشخصي بطبيعة الحال، لأن الرئيس دائما ما ينطلق من ملفات مطروحة وأرقام وتقارير موجودة على مكتبه، ولكن يبقى الظاهر أو الأساس هو التركيز على نقطتين اللتين تعتبران قاطرة لأي تحدي لأي رهان لأي برامج لأي مقاربات أو استراتيجيات أولا العودة الى هندسة المجتمع الجزائري فكريا وزيادة مستويات الوعي حتى نتكلم عن شعب واحد حقيقة في الميدان وليس بالشعارات ننطلق منها الى كل برامج التنمية الداخلية وغير ذلك حتى يؤمن المواطن أن هذه الجزائر التي فقد الثقة في مؤسساتها بناء على تراكم العديد من المشاكل والوعود السياسية الكاذبة لسنوات وعقود وغير ذلك من الأزمات التي جعلتنا نتكلم على عامل الثقة دائما.
لذلك فالعودة الى هندسة الوعي والإدراك للشعب الجزائري كبرنامج استراتيجي كبير تحت اشراف رئيس الجمهورية.
على المستوى الخارجي، تكلمنا على الأزمات والكواليس التي تحاك ضد الجزائر خاصة ونحن نعيش تقريبا في سبعة آلاف كيلومتر كلها ملتهبة، لذلك فالتحديات المباشرة الخارجية كبيرة جدا ونتحدث عن التحديات الدولية والإقليمية لمنطقة الساحل والصحراء الكبرى وعودة الفكر الإيديولوجي المتصادم عالميا الذي يحضر من خلاله الى بعث عالم جديد وستكون الجزائر في حالة العودة الى هندسة الشعب والانطلاق في بناء وتنمية حقيقية متكاملة يؤمن بها الجميع وعلى رأس الجميع المواطن الذي يعتبر اللبنة الأساسية لدخول الجزائر في موقع جيد في العالم الجديد وامكانيات كبيرة للذهاب بعيدا في تطوير الجزائر.
مناقشة حول هذا المقال