شارك وزير الفلاحة والتنمية الريفية، يوسف شرفة، يوم أمس كممثل للجزائر في المناقشة المفتوحة رفيعة المستوى لمجلس الأمن، التابع للأمم المتحدة حول “تأثير التغيرات المناخية وانعدام الأمن الغذائي على حفظ الأمن والسلم الدوليين بنيويورك.
ثمن وزير الفلاحة، مبادرة المجلس لعقد هذه المناقشة الموضوعاتيــة، التي تهدف إلى رفع مستــوى الوعي الجماعي ودق ناقـوس الإنـذار حول العلاقـة الترابطيـة بين ظواهر تغير المنـاخ والأمـن الغذائي والنـزاعات.
كما أكد ممثل الجزائر خلال مداخلته، على أن ظاهــرة تغيـر المناخ تُشكــل مُضاعـفًا للتهديـدات التي تواجهـها الدول، فارتفاع درجات الحرارة، وتغيّر أنماط الطقس، وارتفاع مستويـات سطح البحــر، كلّها عوامل تُعيــق الإنتاج الزراعي وتدفع إلى التنقــل القســري للسكان، وتــزيــد من حدة التنافس على الموارد الحيوية مثل المياه والأراضي، مغـذية في ذات الوقـت النزاعات وعدم الاستقرار، لاسيّما في المناطق الهشــة والمتأثــرة بالنزاعات، مما ينعكـس سلبا على استقـرار وأمـن دول الجنوب ويعمــق الفوارق في النمــو.
و بهذا الخصوص، ذكر الوزير بسعي الجزائر إلى توفير كافة الشروط لضمــان تطويــر وديمومة الأنظمة الغذائية وبنــاء قطاع زراعي مستدام، من خلال تنمية الشعب الاستراتيجية، وإدراج الطاقات المتجددة في مجال الإنتاج الفلاحي، وتثمين الموارد الجينية، وتطوير السلالات المقاومة والمتلائمة مع التغيرات المناخية، فضلا عن توسيع السـد الأخضر وما لـه من آثــار ايجابية في مكافحة التصحر والتقليص من تدهــور الأراضي والحد من العواصف الرملية والترابيــة وكذلك خفــض انبعاثــات غازات الاحتبــاس الحــراري والتكيف مع تغير المناخ.
خلال اللقاء قدم شرفة اقتراحات الوفد الجزائري للتخفيف من مخاطر تغير المناخ وتعزيز الاستقرار على المدى الطويل، مثل تفعيــل آليات الوقاية من نشــوب النزاعات وحلها، باتخاذ تدابيـر استبــاقيــة لمنـع نشـوبها، ومعالجـة جذورها.
بالإضافة إلى بنـاء القدرات على صمود المجتمعات، والنظم الإيكولوجية لمواجهة آثار تغير المناخ وذلك من خـلال دعم الممارسـات الزراعية المستدامة، وتعزيـز الحفاظ على المياه وإدارة المـوارد الطبيعيـة بشكـل عقلاني.
وبخصوص معالجـة الأسباب الجـذرية لانعـدام الأمن الغذائي اقترح الوفد تشخيص مكامـن الضعف والخلل في منظومة الإنتــاج وسلسلـة التمــوين ومعالجتها بشكل جماعي، لاسيمـا عبر تعزيز الحكم الرشيد، والتنمية الاقتصادية الشاملة، ومكافحــة الفقر وعدم المساواة، وتعزيز فرص وصول المنتجات الزراعية لدول الجنوب إلى الأسواق الدولية ورفع العقبات التجارية عنها.
الجزائر نموذج يحتذى به في تحقيق الأمن الغذائي
هذا وقد خطت الجزائر الجديدة، خطى كبيرة في تحقيق أمنها الغذائي ذلك وفقا لوضعه في صلب استراتيجياتها لما في ذلك من تأثير على مؤشرات التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، ولما يشكله من استقلالية للقرار السياسي والاقتصادي للجزائر.
إن رؤية الجزائر الجديدة في هذا الخصوص تفرضها حتمية بناء اقتصاد وطني قوي محصن من التبعية للخارج وللمحروقات، كما تجسد هذه الرؤية الوعي بخطر التحولات الجيوسياسية والتغيرات المناخية.
هذا وتعد رهانات توفير شروط الامن الغذائي والمائي المستدام أولوية ملحة لدى السلطات الجزائرية لأول مرة، وهذا ضمن الالتزامات ال 54 لرئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، فالالتزام رقم 18 للرئيس ينصّ” على وضع خطة استعجالية لتحديث الزراعة لتحقيق الأمن الغذائي وتلبية الاحتياجات الوطنية الإنتاج الحيواني والإنتاج الفلاحي.. كالخضر والفواكه والمنتجات المستوردة مثل السكر والزيت والذرة”.
حيث تسعى البلاد لتطوير وعصرنة قطاعها الفلاحي، فمن الخطوات التي أقدمت عليها الجزائر بهذا الخصوص، تطبيق المنشور الوزاري المشترك رقم 750، المتعلق بمجال استغلال الأراضي الفلاحية بدون سند، حيث مكن القرار من تسوية وضعية الفلاحين المعنيين، لاسيما أن هؤلاء الفلاحين وعائلاتهم يشغلون هذه المستثمرات بدون سندات. ومن أبرز القرارات التي تمّ اتخاذها، في سبيل تحقيق الأمن الغذائي السماح باستيراد المعدات الفلاحية بجميع أنواعها وقطع غيارها، كما قررت الحكومة الجزائرية دعم أسعار الأسمدة بنسبة 50% لتخفيف الأعباء عن المزارعين نتيجة ارتفاع أسعارها عالميا.
كما تم في ذات السياق، إطلاق برنامج خاص بغرس وتهيئة 100 ألف هكتار موجهة لتنمية الأشجار المثمرة المقاومة، والذي سمح بتثمين المساحات غير المستغلة خاصة في المناطق السهبية والجبلية.
بالإضافة الى وضع خطة تأهيل وتوسيع السد الأخضر، الذي يمتد على مساحة تقدر ب 3,5 مليون هكتار بغرض بعث ديناميكية اقتصادية محلية تسمح بتحسين مداخيل السكان.
كما أمر رئيس الجمهورية تبون بإخراج الفلاحة من الطابع الاجتماعي إلى الطابع العلمي، وذلك عن طريق تكوين وتأهيل المورد البشري، مع اعتماد تقنيات جديدة في بناء مخازن المحاصيل الزراعية، من أجل تسريع عملية التشييد، خاصة في الولايات المعروفة، بإنتاجها الغزير.
وضمن ذات الرؤية، عمل القطاع على الاستغلال الأمثل للمساحات الشاسعة في صحراء البلاد، وإنتاج أكبر عدد ممكن من المحاصيل الزراعية، في عدة ولايات من بينها، وادي سوف، بسكرة، تيميمون، أدرار، ورقلة والنعامة، ومناطق أخرى، حيث شهدت ولايات الجنوب الجزائري حركية وديناميكية لافتة.
تم وضع استراتيجية خاصة للاكتفاء الذاتي من الحبوب، فعمل القطاع على إنعاش هذه الشعبة عن طريق إصدار بعض القرارات.
لقد أصبح قطاع الفلاحة يساهم بنحو السدس حوالي 15 بالمئة، من الناتج الداخلي الوطني الخام، كما يمثل أكثر من ربع اليد العاملة الناشطة.
كما نالت الجزائر اعترافا دولياً عقب تحقيقها المرتبة الأولى إفريقيا وعربيا في مجال الأمن الغذائي في آخر تصنيف لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة. وبهذا أضحت الجزائر من الدول التي قطعت أشواطا كبيرة في مجال الامن الغذائي بفضل منجزات قطاعها الفلاحي الذي عرف قفزة نوعية خلال السنوات القليلة الماضية.
بوزيان بلقيس
مناقشة حول هذا المقال