تتجدد في قلوبنا اليوم الموافق ل18 فيفري ذكرى الشهداء الذين قدموا أرواحهم كتضحية في ميدان الكفاح من أجل استقلال الجزائر وتحريرها من قيود الاستعمار. يوم الشهيد هو مناسبة نتذكر فيها تضحيات هؤلاء الأبطال الذين قاوموا بشجاعة وتحدٍ لا مثيل له، وضحوا بحياتهم من أجل أن يعيش شعبهم في حرية وكرامة.
عندما نستعرض تاريخ الجزائر، نجده مليئاً بفصول البطولة والتضحية في سبيل تحقيق الاستقلال والحرية. تعد ثورة التحرير الوطني الجزائرية من أهم الفصول التاريخية التي شهدتها البلاد، حيث قاوم الشعب الجزائري بكل شجاعة وعزيمة الاستعمار الفرنسي الذي استمر لسنوات طويلة.
في هذا السياق، يأتي يوم الشهيد كذكرى تكريما للأبطال الذين قدموا أرواحهم فداءً لوطنهم. عدد الشهداء في الجزائر خلال هذه الفترة الحرجة يعكس حجم التحديات التي واجهها الشعب الجزائري واستعداده للتضحية من أجل قيم الحرية والكرامة.
يجسد الشهداء شخصيات مختلفة، من قادة عسكريين إلى نشطاء سياسيين ومدنيين. يعد الرموز الوطنية كمصطفى بن بولعيد وأحمد بن بلة من بين الشخصيات الرئيسية التي لعبت دوراً بارزاً في هذه الفترة الحاسمة. استمروا في قيادة الجهود نحو تحقيق الهدف النهائي، متحدين التحديات والمخاطر بروح الوحدة والتصميم.
مليون ونصف مليون شهيد في الجزائر….تاريخ يحمل العزة والتضحية
عندما ننظر إلى تاريخ الجزائر، نرى أنه قد تركز بشكل لا يُعلى عليه حول كلمة واحدة” التضحية”. وفي مكنون تلك التضحيات الجسيمة والتي دفعها أبناء هذا الوطن، نجد مليونًا ونصف المليون شهيد يقفون كشهود على رغبة شعب كامل في الحرية والكرامة.
كان الثمن باهظًا، حيث فقدت الأسر آباءها وأمهاتها، والأطفال فقدوا آباءهم، والأزواج فقدوا شركاء حياتهم. كانت هذه التضحيات الكبيرة تحمل في طياتها العزة والفخر بأن الشهداء لن يبقوا مجرد أسماء في الكتب التاريخية، بل سيظلون أرواحًا تحيا في قلوب الأجيال المتعاقبة.
في ظل تلك التحديات، تتجلى قصص البطولة والشجب والتحدي. كان هؤلاء الرجال والنساء يقفون صامدين في وجه القوى الاستعمارية، يعلنون بجلاء أنهم لن يسمحوا للظلم والظروف القاسية بسلب هويتهم وحقوقهم.
يمثل هذا التاريخ المشرق مكسبًا للحاضر والمستقبل. فالجزائر اليوم تقف على أكتاف شهدائها الذين ساهموا في بناء وطن قوي ومستقل. يتعين على الجيل الحالي والقادم أن يستلهموا من هؤلاء الأبطال ويواصلوا رحلة بناء الوطن بروح العطاء والتفاني.
شخصيات رمزية تضيء تاريخ الثورة
في سماء الذاكرة الوطنية، تتلألأ نجوم الشهداء كرموز للبسمة والفخر، حاملين معهم قصص تحمل في طياتها عبق البطولة والتضحية. إنهم أبناء الثورة التحريرية الجزائرية، الذين خصصوا حياتهم لتحقيق حلم الحرية والكرامة.
وفي هذا اليوم المميّز، يسطع اسم كل شهيد كنجمة في سماء الوطن، ومن بينهم تبرز شخصيات رمزية لها أثرها البارز في تاريخ الثورة التحريرية الجزائرية. تتصدر هذه الشخصيات الوطنية:
- فرحات عباس 1899 ـ 1985:أول رئيس للحكومة المؤقتة 1958. أحد قادة التيار الإدماجي شارك في صياغة بيان فيفري 1943. التحق بالثورة سنة 1956. أسس الاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري.
- مصطفى بن بلعيـد1917- 1956: مناضل في حزب الشعب وحركة ا ح د. عضو لجنة 22 ولجنة 6 قائد الولاية الأولى. ألقي عليه القبض وسجن بقسنطينة. إستشهد في 22 مارس 1956.
- ديدوش مـراد:1927- 1956: انخرط في حزب الشعب الجزائري سنة 1943 ساهم في تكوين المنظمة السرية من مفجري الثورة عين قائدا للولاية الثانية. قاد معركة قرب قرية سمندو في ولاية سكيكدة في 18 جانفي 1956. استشهد سنة 1955.
- زیغود یوسف 1921-1956: مناضل بحزب الشعب وعضو المنظمة الخاصة واللجنة الثوریة للوحدة والعمل. من مفجري الثورة نظم هجوم 20 أوت 1955. ثم عُیِّن عضوا بالمجلس الوطني للثورة الجزائرية. استشهد یوم 25 سبتمبر 1956.
- العربي بن مهيـدي 1923-1957:ولد بضواحي عين مليلة، عٌين قائد للولاية الخامسة وهران، أشرف على إضراب السبعة أيام بالعاصمة، ألقي عليه القبض في 23 فيفري 1957 بمدينة الجزائر، أستشهد بالسجن تحت التعذيب يوم 03 مارس 1957.
- عبان رمضان 1920-1957 مناضل بحركة الانتصار. أحد أعضاء 22. مساعد قائد الولاية الخامسة ومهندس مؤتمر الصومام. استشهد بالمغرب 1958.
- مريم بوعتورة 1938-1960: ثائرة وشهيدة من شهداء ثورة التحرير الجزائرية. ولدت في مدينة نقاوس ولاية باتنة. إشتغلت ممرضة في أحد مستشفيات سطيف قبل ان تنضم الى الثوار مسعفة وممرضة، عرفت بوطنيتها. إستشهدت في 6 جويلية 1960.
- حسيبة بن بوعلي 1938-1957: رمز للتضحية و الفداء، وُلدت بولاية الشلف. إنضمت الى الثورة التحريرية وهي في سن السابعة عشر (17). كانت عنصر نشيط في فوج الفدائيين المكلفين بصنع ونقل القنابل. إستشهدت في 8 أكتوبر 1957 رفقة الشهيد علي لابونت.
يوم الشهيد هو مناسبة نستعيد بها ذكريات هؤلاء الشهداء ونجدد العهد بالاستمرار في الحفاظ على تاريخهم وتحقيق الأهداف التي كفلوا بأرواحهم. يستمر إرثهم في إلهامنا وتشجيعنا على بناء مستقبل يعكس قيم الحرية والكرامة التي دافعوا من أجلها.
برحمون دعاء
مناقشة حول هذا المقال