يصاحب فتــرة الامتحانـات المدرسـية بعـــض الاضطرابات النفسية التي قد يعاني منها الطفل، ومن أشهر هذه الاضطرابات نجد ظاهرة الخوف من الامتحانات، وهي ظاهرة شائعة جدا بين الأطفال، حيث يصبح الضغط والتوتر أكثر وضوحا، مما يؤثر على أدائهم وثقتهم بأنفسهم في هذه الفترة.
وتعتبر مشكلة الخوف من الامتحانات تحديًا يواجهه العديد من الأمهات والآباء خلال فترة الامتحانات، ويستحق هذا الانشغال اهتماما خاصا للتعرف على أسباب هذا الخوف، وكيفية تعامل الاولياء مع هذه المشكلة، وإيجاد علاج لها وتحقيق تطوير نفسي وأكاديمي للأطفال، لذلك سنستعرض من خلال استطلاع أراء بعض الخبراء والمختصين في مجال علم النفس التربوي، حول أسباب خوف الأطفال من الامتحانات وكيف يمكن للأولياء التعامل مع هذا الوضع؟
ماذا نقصد بظاهرة الخوف من الامتحانات؟
هو الحالة النفسية او الظاهرة الانفعالية او التوتر الذي ينتاب الطفل حينما يقف في موقف الامتحان حيث تكون قدراته موضع فحص وتقييم، ويتصف بأنه حالة انفعالية اتجاه الضغوط الناتجة عن مواقف التقويم، ويكون مصحوبا بـ:
- انعدام الراحة النفسية وتوقع العقاب.
- الرغبة في الهروب من الموقف.
- الخوف.
- ردود أفعال جسمية وفيزيولوجية.
- اضطراب في الجوانب المعرفية.
في دراسة أكاديمية جزائرية لنيل شهادة ماستر بعنوان: “قلق الامتحان لدى تلاميذ السنة الخامسة ابتدائي”، على عينة من تلاميذ السنة الخامسة. توصلت الدراسة إلى أن الامتحان ينتج عنه مستويات ملحوظة من القلق بين التلاميذ، وهو ما يتسبب في عدم التحضير الجيد، بالإضافة إلى ذلك، يشعر التلاميذ بالخوف والتوتر، مما يجعل الطفل يتجنب الدراسة.
كما أكدت الكثير من الدراسات أن قلـق الامتحان يعـد مشـكلة حقيقيـة تواجـه كثيرا مـن الطلاب وهـي مصدر أرق لـيس للتلاميـذ فقـط، بـل قـد يمتـد أثرها إلـى الأسرة، بل الى المجتمع كله.
وقـد أشارت الكثير مـن الدراسات إلـى وجـود تـأثير سلبي لقلق الامتحان المرتفع على الأداء الأكاديمي أو التحصيل الدراسي لدى الطفل.
وأكدت الدكتورة الجزائرية المختصة في علم النفس التربوي، السيدة عبلة محرز، أن القلق الذي يتملك الطفل خلال فترة الامتحان ينقسم الى قسمين:
- القلق الأول إيجابي فهو يدفع بالطفل لأداء أحسن ما يملك في الامتحان
- القلق الثاني سلبي فهو يعيق الطفل عن مراجعة دروسه بشكل لائق
لماذا يخاف الطفل من الامتحان؟
يؤكد علماء النفس على أن أساليب المعاملة الوالدية لها تأثير بالغ على تنمية شخصية الأبناء وتطبع سلوكهم، فالأباء والأمهات هم المسؤولون عن تربية وتنشئة الأبناء في المجالات المعرفية والوجدانية وكذا الاجتماعية، فكثيرا ما نجد بعض الأمهات والأباء يظنون أن معاقبة الطفل وإجباره على الدراسة وتخويفه هو الحل الأنسب لدفع الطفل للمراجعة او لجعله يتحصل على نتائج جيدة.
تتعدد أسباب خوف الطفل من الامتحانات وتختلف من طفل لآخر، ومن أهم هذه الأسباب نجد:
- الضغط الاجتماعي
يواجه الأطفال ضغوطًا اجتماعية من الأهل والمعلمين لتحقيق النجاح في الامتحانات، مما يزيد من مستوى القلق لديهم.
وقد يؤدي تحذير الآباء المستمر من الفشل في الامتحانات أو التهديد بالعقاب إلى فقدان الطفل ثقته بنفسه.
تنصح المختصة في علم النفس التربوي أنستازيا المبروك الأمهات بعدم إظهار القلق الزائد على الأطفال يوم الامتحان حتى لا تنقل الخوف لهم.
- سوء المعاملة
أكد علماء النفس ان المعاملة السيئة تشعر المراهقين والأطفال بفقدان الامل، وتزرع في أنفسهم التناقض الوجداني وتنمي فيهم مشاعر النقص والعجز عن مواجهة مصاعب الحياة.
- توقعات الأسرة
– تضع الأسر توقعات كبيرة على الأطفال للتفوق في الامتحانات، مما يخلق ضغطًا إضافيًا على أكتافهم. فارتفاع مستوى طموحات الآباء الذين يرغبون في تحقيقها من خلال أبناءهم والتي لا تتناسب مع قد ارتهم العقلية قد يؤدي إلى شعور الطفل بالعجز أو بالخوف من عدم تحقيقها.
- نظام التعليم
يعيش الطفل الجزائري في نظام تعليمي قائم على التقييم، مما يجعله يشعر بأن النجاح في الامتحانات هو مقياس لقيمته. كون أن المجتمع يعطي أهمية كبيرة لقيمة النجاح ومصير التلميذ في الامتحانات.
- الظروف المنزلية
زيادة عدد مشتتات الانتباه داخل المنزل بسبب ضيق السكن وعدم وجود مكان مناسب ومخصص لمراجعة الطفل لدروسه وواجباته المنزلية.
- الأساتذة
يقوم بعض الأساتذة في إثارة قلق الامتحان لدى التلاميذ من خلال تخويفهم بصعوبة الأسئلة، أضف إلى ذلك تقصير البعض في توفير المناخ التعليمي الملائم، وعدم تزويد التلميذ بالمهارات التي تساعده على زيادة التحصيل وأداء الامتحان دون قلق .
- قلة الاستعداد
يشعر العديد من الأطفال بالقلق بسبب قلة الاستعداد الجيد للامتحانات، سواء بسبب ضعف التحضير أو عدم الفهم الكامل للمواضيع، فنقص معرفة التلميذ بالمادة الدراسية يدفعه الى عدم مراجعة المادة بصورة جيدة، ما يزعزع ثقته بنفسه.
كيفية التعامل مع خوف الطفل من الامتحانات:
الخوف من الامتحان يمثل مشكلة كبيرة تعاني منها مختلف الأمهات في الجزائر، وغالبا نجد أن بعضهن لا يعرفن كيف يتصرفن مع اطفالهن وماهي الحلول الممكنة؟
يعتبر فهم أسباب خوف الأطفال من الامتحانات وتوفير الدعم اللازم لهم جزءًا أساسيًا من تحقيق تطورهم الأكاديمي والنفسي بطريقة صحية ومستدامة. لذا
- يتعين عليك كأم فهم جذور قلق طفلك والتحدث معه لمعرفة المشكلات التي قد يواجهها.
- يمكنك تشجيع الطفل على بدء التحضير للامتحانات مبكرًا وتحديد خطة دراسية منظمة.
- يحتاج الطفل إلى دعم عاطفي وإشادة بجهوده، بغض النظر عن النتائج النهائية، ووفقا للأخصائية في علم النفس التربوي بيكسلز يجب على الأم ان تمنح طفلها الحب غير المشروط حتى يشعر بالأمان.
- يفيد تعليم الأطفال تقنيات التحكم في الضغط وإدارة الوقت لتقليل مستويات القلق.
- يمكن تحويل منظور الأطفال حول الامتحانات من مصدر للقلق إلى فرصة لتحقيق التحديات والتعلم.
- يجب عليك كأم أن تحرصي على توفير الأجواء المناسبة التي تساعد إبنك على الدراسة والاستعداد الجيد لاجتياز الامتحان وتحقيق النتائج المرجوة.
- احرصي دائما على أن تقدمي لطفلك أكلا صحيا بالإضافة الى الأطعمة المغذية كاللوز والفاكهة، الألبان والأجبان.
- احرصي على راحة طفلك، بأن يأخذ وقتا كافيا من النوم ليلا، فالنوم بمعدل كاف يساعد في حفظ المعلومات في الدماغ بشكل أفضل.
- إسمحي لطفلك بأن يأخذ وقتا للراحة واللعب لمدة ساعة او نصف ساعة فقط.
- عندما ترين أن طفلك متوتر أو متعب عليك أن تركزي على تمارين التنفس التي تساعده على الاسترخاء.
- عليك كأم أن تذكري طفلك بإنجازاته السابقة من وقت الى آخر.
- شجعي طفلك على التركيز على الدرس وعدم السماح له باللعب أوقات الدراسة مع تجنب الألعاب الالكترونية أوقات الراحة فهي تتطلب مجهودا فكريا وبالتالي لا يستفيد من وقت الراحة.
- تفادي الاصوات المرتفعة في المنزل فترة الامتحانات فهي تشتت تفكير طفلك.
- حاولي أن تكافئي طفلك بعد انتهائه من المراجعة قصد تشجيعه لخوض الامتحان دون خوف.
- يجب عليك تشجيعه وتحفيزه للتقدم وزيادة ثقته بنفسه.
- إذا كان طفلك متعلقا بملابس معينة او عادات معينة خلال فترة الامتحانات، فلا تعملي على تغييرها فقد يؤثر هذا على أداء طفلك سلبا.
دعاء برحمون
مناقشة حول هذا المقال