اليوم العالمي لحرية الصحافة، هي مناسبة للتأكيد أن لمهنة الصحافة مبادئ و قيم أساسية، وفي هذا السياق، يستذكر الصحفيون يومهم للتأمل حول قضايا الأداء المهني، حرية الصحافة وأخلاقيات المهنة، في هذا الاستطلاع كان لنا حديث مع بعض المهنيين والصحفيين الجزائريين حول واقع المشهد الإعلامي الجزائري، و انشغالات الصحفيين في اطار ممارستهم الإعلامية .
الكاتب الصحفي عبد الحكيم أسابع “جريدة النصر”: مناسبة لتقييم المكتسبات التي حققها القطاع والمطالبة بتوفير بيئة أفضل لممارسة العمل الصحفي
يشكل اليوم العالمي لحرية الصحافة في بلادنا كل سنة مناسبة للأسرة الإعلامية لتقييم المكتسبات التي حققها القطاع خلال السنوات الماضية ومدى استجابة مختلف التشريعات والإجراءات التي اتخذتها السلطات العمومية لفائدة الأسرة الإعلامية، وتجسيد كل مضامين القوانين الجديدة التي صدرت تباعا والمطالبة بتوفير بيئة أفضل لممارسة العمل الصحفي.
ولعل أهم ما يعنينا في هذه المرحلة الضرورة الملحة لتجسيد كل الآليات التي ينص عليها القانون العضوي المتعلق بالإعلام والقوانين الأخرى ذات الصلة،” التي أعتقد أنه جاءت لتستجيب للمطالب والانشغالات المتكررة لكل الفاعلين والناشطين في الحقل الإعلامي، إلى جانب الإسراع في تجسيد مشروع بعث صندوق دعم الصحافة الذي يعول عليه مهنيو القطاع لتعزيز دعم المؤسسات الجادة والمهنية وتصفية القطاع من الدخلاء وكذا تحسين وضعية العاملين في القطاع.”
وننتظر من القوانين الجديدة إدخال المزيد من المهنية والاحترافية وتصفية كل ما ليس له علاقة بالصحافة بكل الإجراءات الممكنة، لا سيما القانون المتعلق بالصحافة المكتوبة والصحافة الالكترونية، خاصة وأن هذا النص القانوني يحدد مهام سلطة ضبط الصحافة المكتوبة والصحافة الإلكترونية التي تتولى السهر على احترام الأحكام والمبادئ المنصوص عليها في القانون العضوي المتعلق بالإعلام والنصوص التشريعية والتنظيمية المعمول بها” إلى جانب السهر على الممارسة الحرة لنشاط الصحافة المكتوبة و/أو الإلكترونية، مع تشجيع التعددية الإعلامية والسهر على التوزيع المنتظم للنشريات الدورية عبر كامل التراب الوطني.
ولعل من بين أهم ما ينتظره رجال ونساء مهنة الصحافة في ظل القوانين الجديدة المنظمة للقطاع، إنشاء آلية تلزم كل الناشرين وبقوة القانون تأمين ممارسي مهنة الإعلام، غير المُؤمنين لحمايتهم اجتماعيا، وتطبيق القانون الذي يلزم تكوينهم من أجل التكيف مع المتطلبات الجديدة للإعلام، من جهة و المساهمة في بلوغ الصحافة المستوى المطلوب من المهنية و الاحترافية، فضلا عن إنشاء آلية جديدة لإصدار ومنح بطاقة الصحفي المحترف.. ولأن الالتزام بالأخلاقيات في العمل الصحفي يعد عنصرا أساسيا للرفع من الأداء وكسب ثقة المواطن، فإن الأمر يتطلب تعزيز الجانب العملي في تكوين الصحفيين بما من شأنه المساهمة في بلوغ صحفيينا وصحافتنا مستوى أعلى من الاحترافية المنشودة لاكتساب مصداقية أكثر. وتجدر الإشادة هنا بأن الدولة تحت قيادة رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، قد عززت حقوق الصحفيين ووضعت مسألة تكريس الحريات ضمن أولويات الدولة بينها حرية الصحافة وحرية التعبير، والذي يتجلى من خلال الاهتمام الذي يحظى به قطاع الإعلام ومهنة الصحافة، وهو ما يعكسه دستور 2020 والإصلاحات القانونية وتعزيز المنشآت المؤسساتية وتكوين المورد البشري، في إطار الجهود الرامية لترقية المهنة وحماية الصحفي في إطار أخلاقيات المهنة التي تسمو على المزايدات والمغالطات و الولاءات المشبوهة.
ومعلوم أن الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة يأتي هذه السنة والجزائر تحضر لاستحداث مدينة إعلامية جد متطورة، بناء على تعليمات رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، وهو المشروع الذي سيعطي نفسا جديدا لكل الفاعلين والناشطين في المجال الإعلامي من خلال توفير بيئة عمل جد محفزة على الإبداع والابتكار والاحترافية لتقديم مضامين إعلامية تحقق تطلعات الجمهور وتعكس الصورة الحقيقية للجزائر.
من جهة أخرى وأمام حجم التحديات المطروحة على الجبهتين الداخلية والخارجية فإن الصحافة الوطنية مطالبة للقيام بدورها كاملا في المساهمة، في الدفاع عن مقوماتنا ومؤسساتنا ومرافقة مسار الجزائر الجديدة والتصدي للادعاءات المغرضة التي تستهدف بلادنا، ما يفرض بذل مزيد من الجهود لإبراز مكاسب الدولة ومرافقة سياستها الرشيدة، لاسيما في ظل خصوصية الظرف الراهن بما يفرزه من سياقات دقيقة في دول الجوار والعالم، حتى تكون صحافتنا في مستوى التحديات الكبرى والرهانات الحساسة التي يتعين أن ترتقي بالمهنة إلى مستوى الواجب الوطني.
شريف بوعافية: من أهم التحديات التي تواجه الصحافة التطور الهائل الذي يشهده الإعلام عالميا
يرى الإعلامي شريف بوعافية ” قناة البلاد “، ان مناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة هي محطة لو يتم استغلالها أحسن استغلال فإنها ستكون فرصة هامة للمهتمين سواء الصحفيين أو المؤسسات الإعلامية او المؤسسات ذات الصلة بتقييم المنجز، وكذا فتح ورشات حقيقية لتقييم” اين وصل قطار حرية التعبير في ظل بعض المطبات المتواجدة على السكة سواء كان الأمر يتعلق بسوء الإنجاز أو بمعوقات عارضة”
ومن وجهة نظر الإعلامي شريف بوعافية فإن” أهم انشغالات الصحفي هي تحسين ظروف العمل، فهناك صحفي ليس له إلا الاسم لا تأمين ولا عقد عمل ولا حقوق ففاقد الشيء لا يعطيه، كما لا يمكن إنكار أن بعض المؤسسات الإعلامية والخاصة منها قد راعت هذا الجانب على اختلاف المستويات، ويبقى ربما قسم الصحافة المكتوبة أكثر معاناة في ظل التحديات الراهنة وتراجع الصحافة الورقية أمام التكنولوجيات الحديثة ”
وبالحديث عن أهم التحديات التي تواجهها الصحافة الوطنية في المرحلة الراهنة اعتبر محدثنا هي السرعة المفرطة للتطور الهائل الذي يشهده الإعلام عالميا وكل التطورات الجديدة ، لذلك على الصحافة أن تضاعف الجهد للحاق بالركب وان تصل متأخرا أحسن من أن لا تصل إطلاقا”.
عبد الغاني بلقيروس: المستقبل هو للصحافة المدمجة التي تجمع الصحافة التقليدية بالرقمية و بشبكات التواصل الاجتماعي
كما يرى الصحفي عبد الغاني بلقيروس ” قناة الحياة ” ان الاحتفاء باليوم العالمي لحرية الصحافة هو” فرصة لتذكر التضحيات التي قدمها الإعلاميون في جميع انحاء العالم و “اخص بالذكر الجزائر التي قدمت الكثير من شهداء المهنة، كما ان الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة هو فرصة للوقوف مع الصحفيين في بلاد العالم الذين يتعرضون للإجرام و القمع و الترهيب مثلما هو واقع في فلسطين و غزة” .
و عن انشغالات الصحفي الجزائري ذكر بلقيروس أن “مناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة هي فرصة لتذكر المشاكل الاجتماعية للصحفيين الجزائريين و انشغالاتهم، كضعف الأجور و عدم دعم الكثير منهم اجتماعيا، وعدم إدراجهم للاستفادة من امتيازات معينة كبقية الدول العربية التي توفر نقاباتها عقودا مع المؤسسات المعنية لتوفير السكنات بالتقسيط و بالتسهيل”.
كما خص بالذكر بلقيروس ” ان الرقمنة و شبكات التواصل الاجتماعي من التحديات ، التي قلصت كثير من مردودية الصحافة التقليدية و المكتوبة و السمعي البصري، ما صنع منافسة غير متكافئة الاطراف ، الامر الذي فرض تحدي للصحافة التقليدية للرفع من مستوياتها و إدماج الرقمنة و الذكاء الاصطناعي في عملها و في تطوير منتوجها الإعلامي ، لان المستقبل هو للصحافة المدمجة التي تجمع الصحافة التقليدية بالرقمية و بشبكات التواصل الاجتماعي، مع آخر تطورات صحافة الذكاء الاصطناعي ”
عبد الناصر البار: “الممارسة الإعلامية في الجزائر بحاجة الى عمل قاعدي كبير واستغلال أمثل للطاقات الشبابية”
الإعلامي الجزائري ومحلل قنوات “بي.إن سبورتس” القطرية عبد الناصر البار، قائلا “اليوم العالمي لحرية الصحافة هو يوم للإعلاميين ولكل ممارسي هذه المهنة، شيء جميل أن يكون هنالك يوم للصحافيين على الأقل من أجل الالتفات لأصحاب هذه المهنة الشاقة، مهنة المتاعب والكثير من المشاكل التي تتسبب بضغط نفسي كبير خاصة في دولنا العربية.”
وعن واقع الممارسة الإعلامية في الجزائر أضاف محدثنا “بالنسبة للممارسة الإعلامية في الجزائر فهي تختلف من النظري الى العملي، فما تدرسه شيء وما تجده في الميدان شيء آخر مثلها مثل العديد من الدول العربية الأخرى.” وأضاف “الممارسة الإعلامية في الجزائر بحاجة الى ميكانيزمات، تحتاج الى عمل قاعدي كبير خاصة في ظل الطاقة الشبابية الكبيرة التي تزخر بها البلد خاصة في هذا المجال الذي شهد ميلاد جيل جديد من الإعلاميين في كافة القطاعات والتخصصات سواء في الرياضة أو الثقافة أو الاقتصاد…، لكن يبقى هذا الجيل في حاجة الى اهتمام كبير وتأطير جيد”
عبد الناصر البار تحدث كذلك عن أهم الانشغالات المهنية والاجتماعية بالنسبة للصحفي الجزائري وقال في هذا الشأن “يجب تحسين وضع الإعلام في الجزائر بصفة عامة والصحفيين بصفة خاصة، فاليوم أصبحنا نسمع كلام العديد من الصحافيين لم يتقاضوا رواتبهم منذ مدة، وهذا أمر غير مقبول لأن كل الظروف موفرة من أجل أن يكون الإعلامي في الجزائر في وضعية اجتماعية حسنة، وأغلب هذه التجاوزات تكون في القطاع الخاص وذلك ما يستدعي تدخل الدولة الجزائرية من أجل وضع بنود صارمة في دفتر الشروط المخصص لفتح موقع الكتروني أو قناة تلفزيونية تحمي من خلالها الصحفي وتضمن له حقوقه كاملة من رواتب وحوافز وغيرها…”
محدثنا تحدث كذلك عن التحديات التي تواجه الصحفي الجزائري وقال في هذا الصدد “الصحافة تعتبر السلطة الرابعة في البلاد لذلك يجب الاهتمام بهذه الفئة سواء من الدولة أو من قطاع الخواص، كون الإعلام هو صورة البلد، فعلى سبيل المثال نأخذ قضية اتحاد العاصمة حيث لعب الإعلام دوره في كيفية الدفاع وكيفية وضع الجميع في الصورة.” وأضاف نأخذ مثالا آخر بدول الخليج ودولة قطر بالتحديد التي تكمن قوتها في إعلامها وفي قنواتها وفي مختلف وسائل الإعلام التي تمتلكها، وهذا ما يجب على الدولة الجزائرية فعله.
لدينا كل الإمكانيات من أجل أن يكون الوضع أحسن بالنسبة لوسائل الإعلام الجزائرية، هنالك بعض الانفلات في الساحة الإعلامية لا سيما في مجال الرياضة والدولة الجزائرية لا تزال قادرة على احتواء الأمر باستعمال الردع بالقانون، وعن الوضع بصفة عامة يمكن وصفه بالحسن لكن بإمكاننا المضي قدما نحو اعلام أكثر تقدما وأكثر احترافية.
ذات المتحدث أشاد في ختام حديثه بالمجهودات التي تبذلها الدولة في سبيل تحسين وضع هذا القطاع بصفة عامة، ومجهودات وزير الاتصال محمد لعقاب بصفة خاصة وذلك في قوله “الدولة الجزائرية ركزت كثيرا على هذا القطاع واعطته أهمية كبيرة، ومع قدوم الوزير الجديد أصبحنا نشعر أنه هنالك تحركات، هنالك اهتمام من طرف الوزير وهذا أمر جيد، صراحة أن الوزير يقوم بعمل كبير وأتمنى أن يكون الوضع أفضل بالنسبة للصحافة الجزائرية في المستقبل.”
إبراهيم جعطوط : “دور الصحافي لا يقل أهمية عن دور السياسي والدبلوماسي”
الصحفي إبراهيم جعطوط “يومية الفجر”، تحدث عن هذه المناسبة قائلا “اليوم العالمي للصحافة هو حدث مميز للغاية، ليس فقط للإعلام الجزائري، بل لكل الصحفيين عبر العالم، والذين يكافحون يوميا من اجل رسالة نبيلة وهي نقل الحقيقة في عالم مليء بالتضليل والاشاعات، هذا اليوم هو بمثابة رد الاعتبار لعملنا وتذكير بما نقوم له”
كما عرج عن واقع الممارسة الإعلامية في الجزائر بالقول”واقع الممارسة الاعلامية بالجزائر اراه شخصيا قد حقق خطوات كبيرة نحو الامام، لكن يبقى يعيش في فوضى تحتاج الى اليات تنظيمية، الصحافة الجزائرية باتت لديها مكانة مرموقة ومصدر وثيق لكبرى وسائل الاعلام في العالم، وتحظى بمتابعة كبيرة، وتفاعل منقطع النظير، وهي ضمن كوكبة المقدمة في الوطن العربي، لكن هناك فرص يجب استغلالها لتحقيق تطور أكبر، خاصة بعد قانون الاعلام الجديد، وفي انتظار قوانين تنظيمية في مستوى التطلعات.”
كما تكلم عن أبرز انشغالات الصحفي الجزائري بالقول “اهم انشغالات الصحفي الجزائري تتمحور حول الاجر الضعيف جدا بالنسبة للإعلام الخاص، وغياب الامتيازات التي تسهل عملنا، حيث لا يوجد اي امتيازات سواء تقنيا او الدعم الاجتماعي.”
وختم إبراهيم جعطوط كلامه بالحديث عن أبرز رهانات الصحفي مؤكدا أن دوره لا يقل أهمية عن دور السياسي أو الدبلوماسي بقوله “المرحلة الراهنة جد حساسة في ظل مناخ دولي غير مستقر، حيث باتت الصحافة تلعب دورا محوريا لا يقل اهمية عن دور السياسي والدبلوماسي، اما محليا فإن الصحافة مطالبة بأخذ زمام الامور ورفع مستوى احترافيتها لمواجهة سطوة المصادر المجهولة وغير الموثوقة والتي وجدت في مواقع التواصل الاجتماعي مكانا لها.”
إعداد: يمينة سادات/ بلال عمام
مناقشة حول هذا المقال