تعتبر المناظرة فنًا تواصليًا يجمع بين التفكير العميق والمنطق، ويعكس قدرة الإنسان على التعبير عن آرائه بطريقة فعّالة حيث يلعب دورًا حيويًا في المجتمع من خلال تعزيز التفاهم وتحفيز الحوار والنقاش البناء. ويساهم في تطوير مهارات التفكير وتعزيز الابتكار، بناء مجتمع ديمقراطي وتحفيز التغيير الاجتماعي الإيجابي.
ويشهد فن المناظرة في الجزائر تطورا ملحوظا في السنوات الاخيرة، فهي تلعب دورا مهما في تعزيز ثقافة الحوار بين الشباب.
مؤسسة مناظرات الجزائر” إثراء الحوار … تمكين العقول”
وتعد مؤسسة مناظرات الجزائر من أبرز المؤسسات في الجزائر التي تهتم بهذا المجال وتعمل على نشره في كافة ربوع الوطن. وهي مؤسسة تطوعية غير ربحية ذات طابع شبابي تعمل على ترسيخ ثقافة الحوار الهادئ والبناء وتقبل الراي الآخر، تعمل أساسا في إطار المناظرات من خلال تدريب وإقامة البطولات، وهي متواجدة في الساحة منذ 2018، تحصلت على ميداليتين برونزيتين، الأولى سنة 2017في البطولة الدولية مع فريق عمار ثليجي، والثانية في سنة2022 مع فريق ثانوية بسكرة.
أول بطولة وطنية للمناظرات في الجزائر
وفي حوار لصحيفة عالم الأهداف مع مدير المؤسسة، عمر عزيز، والذي يعتبر أول مناظر في الجزائر، بخصوص تنظيم النسخة الأولى لبطولة الجزائر الكبرى للمناظرات والمؤهلة للبطولة الدولية قطر 2024. أكد لنا الأستاذ عمر أن المؤسسة تملك حاليا 32 مكتب ولائي وأكثر من 120 مدرب، خدمة للجامعات والطلبة.
وفي حديثه عن البطولة وخصوصياتها، أشار المتحدث الى أن النسخة الأولى عرفت نجاح كبير، حيث شهدت مشاركة 32 فريق، من 13 ولاية. مؤكدا حرص مؤسسته وفريقه على دعم ومرافقة الفريقين المتأهلين للبطولة الدولية قطر 2024 لتمثيل الجزائر أحسن تمثيل.
وبالحديث عن مواضيع البطولة، فأكد لنا الأستاذ عمر ان اللجنة عملت على تنويع المواضيع وجعلها تتعلق بقضايا الشأن العام، من اقتصاد، سياسة، اجتماع، قضايا البيئة… حيث قال: ” لقد شهدنا وعيا كبيرا لدى الطلبة بهذه القضايا، ونتمنى ان تلقى مثل هذه المبادرات اقبالا ودعما من قبل السلطات، من أجل أن تكون مدرجة ضمن الأطر الرسمية وضمن الجامعات في كل سنة “.
تعزيز مفهوم الحوار الموجّه نحو الحوار البناء
وفي سؤال لنا عن أهداف ورؤية مؤسسة مناظرات الجزائر، أكد عمر عزيز أنها تهدف الى إنشاء مجتمع واع قادر على معالجة قضاياه الجوهرية العالقة وتقديم حلول لها من خلال تمازج الأفكار والتحامها في ظل الحوار العقلاني واحترام الراي الاخر، ويعمل على تفعيل الثلاثية الجدلية من حركة وتغير وتطور والقائمة على النسبية وفق معطيات الزمان والمكان بغرض تسديد ومقاربة الرؤى ومعرفة أوجه الحق.
كما تسعى الى نشر ثقافة تقبل الرآي والرآي الاخر، تحت شعار “الاختلاف حق والاحترام واجب”، وفي هذا السياق، أعرب عمر عن رؤيته قائلًا: “نحن نسعى لإطلاق طاقة الشباب المبدع في المجتمع من خلال تحويلها من الأفكار المحدودة إلى أفق الحوار البنّاء، حيث تتمحور فكرتنا الرئيسية حول تعزيز مفهوم الحوار الموجّه نحو الحوارالبناء، والذي يسهم في تشكيل مواطن فاعل ومسؤول.”
كما أكد من جهته، أن الهدف الرئيسي لمؤسسة مناظرات الجزائر هو جعل المناظرات أداة لمناقشة قضايا الشأن العام، من خلال العمل على تدريب مجموعة من الشباب والطلبة للمشاركة في الفعاليات والمنافسات الدولية في مجال المناظرات تماشيا مع البطولات المحلية والوطنية. حيث قال أن: ” أبواب المؤسسة مفتوحة لإقامة التدريبات وتشجيع الطلبة والعمل على إقامة بطولات في مختلف مناطق الجزائر”.
في إطار تعميم فن المناظرة: تنظيم بطولة وطنية سنوية للجامعات
وفي حديث لنا عن المبادرات والمشاريع المستقبلية التي تهدف المؤسسة لتحقيقها، أخبرنا ذات المسؤول أنه قام بتنظيم بطولة الكترونية خلال جائحة كورونا، حيث بلغ عدد الفرق المشاركة في البطولة 82 فريق. وأكد أن مؤسسته تعتزم على تنظيم بطولة وطنية سنوية تجمع فيها كل جامعات الوطن (ممثل عن كل جامعة)، متمنيا أن يصل الى أكبر عدد ممكن من الجامعات حتى تكون مناصفة ما بينها.
اما على مستوى الثانويات، فلقد أوضح عزيز، أنه يتم تقريبا فتح استمارة الكترونية عبر الموقع الرسمي للمؤسسة، هذه الاستمارة تمكن الثانويات التي تملك فرق ان تسجل، وتقوم ذات الهيئة بدورات تدريبية للمشاركين على أساس انهم سيتعرفون على المناظرة، من اجل تحضيرهم للمشاركة في بطولة الجزائر.
كما أكد، أن مؤسسته تعمل حاليا بالتنسيق مع وزارة التربية لإدراج فن المناظرة في الولايات، من خلال أن يكون هناك ممثل عن كل مديرية تربية يشارك في البطولة الوطنية.
أما بخصوص الصعوبات والتحديات التي تواجهها مؤسسة المناظرات الجزائر، أكد ذات المسؤول، أنها تعاني من نقص الدعم كونها مؤسسة غير ربحية، كما تواجه مشكلة المقر الثابت الذي يضمن لهم القيام بالتدريبات وإقامة المخيمات التدريبية على أكمل وجه.
…فن المناظرة عالم شاسع جدا
وفي ختام الحوار، وجه الأستاذ عمر عزيز رسالة الى الشباب بخصوص فن المناظرة، حيث أكد أن “فن المناظرة عالم شاسع جدا يمكنك من التفوق علميًا على الآخرين. وهو الدافع الذي يحفزك على البحث والسعي لفهم المجال المعرفي بشكل أعمق. والهدف الرئيسي للمناظرة هو اكتساب تفكير نقدي، حيث تسهم المناظرة في مجموعة واسعة من المجالات، وترتبط بالتفكير النقدي وتفنيد الحجج، وتأسيس الحجج الأساسية التي تقوم عليها المناظرة بشكل أساسي”.
مِثْلُ هذه المبادرات تُسهم في تعزيز فن الحوار وتشجيع التفاهم وبناء جسور التواصل. ونثمن جهود مؤسسة مناظرات الجزائر في تمكين الشباب من تطوير مهارات الحوار والتواصل، مما يعزز دورهم الفعّال في بناء جسور الفهم وتحقيق التقدم الاجتماعي. ونتطلع إلى مستقبل ملهم حيث يلعب الحوار دورًا رئيسيًا في تحقيق التنمية والتقدم في المجتمع.
برحمون دعاء
مناقشة حول هذا المقال