فيلم “محمد بلوزداد”، فيلم تاريخي جديد يعرض مختلف مراحل نضال القائد المناضل محمد بلوزداد، التيدشّنها بـ “لجنة شبيبة بلكور”، مطلع أربعينيات القرن الماضي، ليصبح لاحقا أحد أكبر رموز الكفاح الثوري في الجزائر.
أخرج الفيلم المخرج الكبير رشيد بلحاج، أحد قامات الإخراج بالجزائر، كما كتب سيناريو الفيلم مراد اوعباس، الذي يخوض هذه التجربة لأول مرة، والذي أكد ان هذا الفيلم الأول من نوعه في تاريخ السينما الجزائرية، فهو يتناول حقبة هامة في نضال الشعب الجزائري، وشخصية فارقة في هذا النضال، ولأن الفيلم يتطرق أيضا إلى جوانب خفية في مسيرة المناضل الوطني الكبير “محمد بلوزداد” رحمه الله.
تدور وقائع قصة الفيلم خلال الفترة الزمنية الممتدة من 1942 إلى غاية 1952، أي ابتداء من تاريخ نزول قوات الحلفاء في الجزائر، ثم الديناميكية الجديدة التي شهدها العمل الوطني في تلك الفترة، وانتهاء بوفاة بلوزداد في مصحة فرنسية في14 جانفي 1952.
تناول الفيلم أيضا، محطة مؤتمر حركة انتصار الحريات الديمقراطية في فيفري 1947، وصولا لإسناد قيادة المنظمة الخاصة لبلوزداد، وعمره لم يتجاوز 23 سنة، فيضع لبناتها الأولى وقوانين وآليات الالتحاق بها، ويراهن على جيل الشباب المؤمن بالقوة كسبيل لطرد الاستعمار، إلا أن ضغط المرض يجبره لاحقا على مغادرة قيادة المنظمة الخاصة، ورغم ذلك عبّدت أفكاره الطريق لجيل نحو الثورة والاستقلال.
حمزة بشوات وجه جديد في ساحة التمثيل
انتهى طاقم فيلم محمد بلوزداد من التصوير في شهر ديسمبر الفارط، وذلك بعد شهرين متواصلين من التصوير عبر عدة ولايات، وبهذه المناسبة كان لنا حوار مع أحد ابطال الفيلم، وأحد الوجوه الجديدة، الممثل الشاب حمزة بشوات.
حمزة بشوات ابن مدينة بئر العاتر، أقصى الحدود الجزائرية الشرقية ولاية تبسة، طالب جامعي في جامعة الجزائر 2، امتلك شغف التمثيل منذ الصغر، فكان من هواة مشاهدة الأفلام والمسرحيات لكنه لم يتخيل أبدا أن يتحول هذا الشغف لمهنة حقيقة.
سلك حمزة طريقه نحو التمثيل عن طريق الجامعة، اين أسس نادي ثقافي داخل الجامعة لهواة الفن بكل أنواعه، جمع النادي عشاق المهنة من تمثيل، إخراج وكتابة ومسرح في جامعة الجزائر 2، وبدأ يجسد أفكاره عبر هذا النادي فأصبح ينشط داخل الجامعة بتنظيمه لعروض مسرحية.
كان فيلم بلوزداد أول عمل للممثل الشاب، والذي قال: ” أعتبر هذه الفرصة منحة إلهية أحمد الله عليها، وأتمنى أن أكون قد قدمت من خلال هذا العمل رسالة نبيلة خصوصا وان الفيلم يروي قصة قائد جزائري خلد ذكراه في الثورة الجزائرية المجيدة “.
وفي حديثه عن كيف تم اختياره لأداء الدور، قال حمزة، انه شاهد إعلانا عبر مواقع التواصل الاجتماعي نشره القائمون على الفيلم، يبحثون فيه عن ممثل شاب يلعب أحد أدوار البطولة في فيلم تاريخي، فشارك في مسابقة اقتناء الممثلين، اين أُعجِب بموهبته مخرج العمل، خصوصا وانه كان يريد ممثلا ينحدر من ولاية تبسة ليضفي واقعية أكثر لهذه الشخصية.
لعب الممثل الصاعد، في الفيلم دور رمضان، وهي شخصية عبد القادر خياري، أول الملتحقين بالمنظمة الخاصة التي كان يقودها محمد بلوزداد، وكان أحد المقربين منه خلال قيادته للمنظمة، وهي شخصية تملك ثقلا في الاحداث التاريخية لتلك الفترة، كما ان شخصية رمضان محرك اساسي في أحداث الفيلم، كما أبرز حمزة خلال اللقاء.
فيلم محمد بلوزداد رسالة عميقة للشباب الجزائري
أكد حمزة لجريدة “عالم الأهداف”، ان هذا الفيلم يتميز على غيره من الأفلام التاريخية، بأنه فيلم يبرز بعمق كبير التضحيات الجزائرية التي حققت السيادة الوطنية، كما انه يجسد الأفكار التي كان يحملها الشباب الجزائري آنذاك.
وأكد أنه خلال تجربته في تمثيل هذه الوقائع، استطاع ان يلمس حقيقة الثورة المجيدة عن قرب، وان يستوعب وقائع كثيرة من خلال تمثيله لها.
كما أكد “ان هذا الفيلم يعكس عمق الشجاعة، والحنكة، روح النضال والتضحية التي كان يتميز بها قادة الثورة الجزائرية المجيدة.”
ولعل المخرج في نظره جسد وراء عدسات الكاميرا فكرته الأهم للفيلم وهي دور الشباب الجزائري الذي بدأ هذه الثورة وهو من أنهاها، شباب آمن بمشعل النضال وصمد وهو يحمله بكل ما يملك من طاقة.
كما أكد حمزة على “ان هذا الفيلم ركز على شاب جزائري يبلغ من عمره 23 سنة، استطاع أن يؤسس منظمة تاريخية صنعت أحداث في تاريخ الثورة الجزائرية، وهذا في حد ذاته رسالة للشباب الجزائري، هي رسالة طرح فيها المخرج ماذا كان يفعل الشباب الجزائري ليحقق السيادة الوطنية ويحرر الهوية الجزائرية”.
وأشار حمزة خلال اللقاء الى ان ” المخرج يريد من هذا الفيلم حسب فهمي المتواضع، أن يبرز كيف كانت ومازالت الجزائر تعتمد على طاقات شبابها، فبالنسبة لي الفيلم لا يهدف لرواية قصة قائد ومناضل جزائري فقط بل يحمل رسالة تحفيز وتوعية للشباب الجزائري”.
يعتبر البطل المناضل محمد بلوزداد قدوة لشبابنا اليوم، قصة يروي من خلالها لشبابنا اليوم والأجيال الصاعدة تضحيات الشهداء الأبرار والمناضلين من أجل البلاد، أشخاص حملوا أفكارا، آمنوا بها واستشهدوا من أجلها.
جاء هذا الفيلم في فترة مهمة، أكد فيها رئيس الجمهورية إرادته السياسية القوية والصادقة لإعطاء المشعل للشباب، انطلاقا من الإيمان بطاقات الشباب في رسم ملامح الجزائر الجديدة والانخراط في بناء الوطن، وسعيه عبر كافة المؤسسات والهيئات الوطنية وعلى رأسهم المجلس الأعلى للشباب، نقل الشغف إلى كل شباب الجزائر لصناعة نواة تكون محركا أساسيا للجزائر.
بوزيان بلقيس
مناقشة حول هذا المقال